ذكر الشيخ الطوسي في فهرسته في ترجمة إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي كتبه، ثمّ قال : "وزاد أحمد بن عُبدُون في فهرسته ..." .[92]
وعبارة الشيخ في موارد عديدة ظاهرة في أنّ لابن عُبدُون كتاب فهرست كما أنّ لسعد بن عبد الله وابن بطّة وابن الوليد وغيرهم ، كتاب فهرست .
وقد جمعنا الموارد التي روى الشيخ الطوسي والنجاشي في كتابَيهما عن شيخهما أحمد بن عُبدُون في مجال الفهرست .
واحتملنا أنّ هذه الموارد كانت من فهرست ابن عُبدُون البغدادي ، إذ إنّ الشيخ الطوسي والنجاشي حينما رويا كتاباً لقدماء أصحابنا من طريق ابن عُبدُون ، فهما في الواقع ذكرا ذلك الكتاب من فهرست ابن عُبدُون .
وتحصّل أيضاً أنّه وصل إلينا 44 % من فهرست ابن عُبدُون من طريق النجاشي في رجاله ، و66 % من طريق الشيخ الطوسي في فهرسته .
والموارد التي روى الشيخ والنجاشي عن ابن عُبدُون في ثلاثة أقسام :
القسم الأول : بعد مراجعة الفهرست للطوسي ورجال النجاشي وجدنا أنّهما اتّفقا في النقل عن ابن عُبدُون في ثمان موارد في مجال الفهرست .
ولتوضيح المراد نذكر ما ذكرناه في ترجمة أحمد بن الحسن بن فضّال في هذا الكتاب برقم 7 : قال الشيخ في فهرسته : "أحمد بن الحسن بن علي بن محمّد بن فضّال بن عمر بن أيمن : مولى عِكرِمة بن رِبعي الفيّاض ، أبو عبد الله ، وقيل : أبو الحسين ، كان فطحيّاً ، غير أنّه ثقة في الحديث ، وروى عنه أخوه علي بن الحسن وغيره من الكوفيّين والقمّيّين ، وله كتب ، منها : كتاب الصلاة ، وكتاب الوضوء ... ، وأخبرنا أحمد بن عُبدُون ، قال : أخبرنا ابن الزبير ، قال : حدّثنا علي بن الحسن ، عن أخيه ، ومات أحمد بن الحسن هذا سنة ستّين ومئتين" .[93]
وقال النجاشي : "أحمد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن فضّال بن عمر بن أيمن : مولى عِكرِمة بن رِبعي الفيّاض ، أبو الحسين ، وقيل : أبو عبد الله ، يقال : إنّه كان فطحيّاً وكان ثقة في الحديث ، روى رجالٌ عنه ، أخوه علي بن الحسن وغيره من الكوفيّين ، يُعرف من كتبه : كتاب الصلاة ، كتاب الوضوء ، أخبرنا بهما قراءةً عليه أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد ، قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن محمّد القرشي ، قال : حدّثنا علي بن الحسن بن فضّال ، عن أخيه بكتبه ، ومات أحمد بن الحسن سنة ستّين ومئتين" .[94]
وإذا تأمّلت في كلام الشيخ والنجاشي تجد أنّهما رَويا كتب أحمد بن الحسن بن فضّال ، عن ابن عُبدُون ، عن ابن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضّال ، عنه .
وهذا يدلّ على أنّهما رَويا كتب أحمد بن الحسن بن فضّال من فهرست ابن عُبدُون ، فمصدر الشيخ والنجاشي مصدر واحد وهو فهرست ابن عُبدُون .
والظاهر أنّ أحمد بن الحسن بن فضّال كان مذكوراً في فهرست ابن عُبدُون ، وذكر ابن عُبدُون طريقه إلى كتب أحمد بن الحسن بن فضّال ، فاستظهرنا أن يكون متن فهرست ابن عُبدُون هكذا : "أحمد بن الحسن بن علي بن محمّد بن فضّال : له كتاب الصلاة وكتاب الوضوء ، أخبرنا ابن الزبير ، قال : حدّثنا علي بن الحسن ، عن أخيه" .
القسم الثاني : بعد مراجعة الفهرست للطوسي وجدنا أنّه انفرد في 50 مورداً في النقل عن فهرست ابن عُبدُون .
ولتوضيح المراد نحن نذكر ما ذكرناه في ترجمة علي بن حبشي بن قُوني في هذا الكتاب برقم 57 : قال الشيخ في فهرسته : "علي بن حبشي بن قُوني : له كتاب الهدايا ، أخبرنا به أحمد بن عُبدُون ، عنه" .[95]
وهذا الكلام يعنى: إنّ الشيخ روى كتاب الهدايا عن ابن عبدون، عن مؤلّفه.
فمن المحتمل قوياً أنّ علي بن حبشي كان مذكوراً في فهرست ابن عُبدُون وابن عُبدُون ذكر طريقه إلى كتابه، فاستظهرنا أن يكون متن فهرست ابن عُبدُون هكذا : "علي بن حبشي بن قُوني : له كتاب الهدايا ، أخبرنا به" .
القسم الثالث : بعد مراجعة رجال النجاشي وجدنا أنّ النجاشي انفرد في 41 مورداً في النقل عن فهرست ابن عُبدُون .
وتوضيح المراد نذكر ما ذكرناه في ترجمة إسماعيل بن بكر في هذا الكتاب برقم 17 : قال النجاشي : "إسماعيل بن بكر : كوفىّ ، ثقة ، له كتاب ، أخبرنا أحمد بن عُبدُون ، قال : حدّثنا عُبَيد الله بن أحمد الأنباري ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن رَبَاح ، قال : حدّثنا إبراهيم بن سليمان ، عنه" .[96]
وإذا تأمّلتَ في كلام النجاشي تجد أنّه روى كتاب إسماعيل بن بكر ، عن ابن عُبدُون ، عن عُبَيد الله بن أحمد الأنباري ، عن أحمد بن محمّد بن رَبَاح ، عن إبراهيم بن سليمان ، عنه .
فمن المحتمل قوياً أنّ النجاشي روى كتاب إسماعيل بن بكر من فهرست ابن عُبدُون ، فاستظهرنا أن يكون متن فهرست ابن عُبدُون هكذا : "إسماعيل بن بكر : له كتاب، أخبرنا به عُبَيد الله بن أحمد الأنباري ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن رَبَاح ، قال : حدّثنا إبراهيم بن سليمان ، عنه ".
فالحاصل: جمعنا هذه الموارد التي روى الشيخ والنجاشي عن ابن عُبدُون في مقام الفهرست ، ورتّبناها على حروف المعجم ، فكان فهرست ابن عُبدُون مشتملاً على 99 مورداً .
وقد تبيّن لنا أنّ لفهرست ابن عبدون طريقين:
الأوّل: طريق النجاشي، وقد وصل إلينا 45 % من فهرست ابن عبدون عن هذا الطريق.
الثاني: طريق الشيخ الطوسي، وقد وصل إلينا 66 % من فهرست ابن عبدون عن هذا الطريق.
تنبيه : روى الشيخ الطوسي في موارد عديدة في فهرسته عن جماعة من أصحابنا ، وصرّح في بعضها أنّ مِن هذه الجماعة ابن عُبدُون أيضاً ، ونحن لم نذكر هذه الموارد في فهرست ابن عُبدُون البغدادي ; لأنّا استظهرنا أنّ هذه الموارد هي إجازةً من ابن عُبدُون ، ولم نتيقّن أنّها من فهرسته .
من هذه الموارد :
ما ذكره الشيخ بعنوان : عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل الشيباني ، عن حميد بن زياد ، أو ما عبّر بالإسناد الأوّل ، عن حميد ; والمراد من الإسناد الأوّل هو : عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل الشيباني ، عن حميد .
وهي 112 مورداً ، ذكرناها في فهرست حميد.
ومنها : ما ذكره بعنوان : عدّة من أصحابنا ، عن الشيخ الصدوق وهي 63 مورداً ، ونحن ذكرناها في فهرست الشيخ الصدوق .
ومنها : ما ذكره بعنوان : عدّة من أصحابنا ، عن ابن بطّة وهي 216 مورداً ، ونحن ذكرناها في فهرست ابن بطّة .
ومنها : ما ذكره بعنوان : عدّة من أصحابنا ، عن جعفر بن محمّد بن قُولَوَيه وهي 4 موارد ، ونحن ذكرناها في فهرست ابن قُولَوَيه .
فإنّا نعتقد أنّ هذه الموارد كانت من إجازة ابن عُبدُون في مجال نقل كتب قدماء أصحابنا; إذ نقل الشيخ الطوسي قسماً من فهرست حميد بن زياد وفهرست ابن بطّة وفهرست الشيخ الصدوق وفهرست ابن قُولَوَيه من طريق ابن عُبدُون .
بقي شيء : ما وصلنا إليه من فهرست ابن عُبدُون البغدادي ينقسم إلى قسمين :
أوّلهما : ما رواه ابن عُبدُون عن مشايخه وصرّح في روايته عنهم بلفظ : "التحديث والإخبار" بحيث نجد في الفهرست للشيخ ورجال النجاشي أنّ ابن عُبدُون صرّح بلفظ "حدّثنا" في الطريق إلى كتب قدماء أصحابنا .
ثانيهما : ما رواه ابن عُبدُون بصورة مُعنعنة ، إذ إنّ الشيخ والنجاشي يذكران في طريقهما أنّه روى ابن عُبدُون عن مشايخه ، لكن ليس فيه لفظ "حدّثنا" أو "أخبرنا" أو "سمعت" .
وكيف كان، أنّ قسماً ممّا رواه ابن عُبدُون عن مشايخه كان معنعناً ، وبما أنّنا في مقام إحياء فهرست ابن عُبدُون ، فلا بدّ لنا من إضافة لفظ لاستقامة العبارة في متنه، فاخترنا لفظ "أخبرنا" وجعلناه بين المعقوفتين .