کتب دکتر مهدی خدامیان آرانی - سایت نابناک

سایت استاد مهدي خداميان آرانی

در حال بارگذاری





    ما أكثر الذين حازوا على وسام الشهادة ونالوها بعزّ وافتخار، ولكن شتّان بينهم وبين الإمام الحسين(عليه السلام)، حيث اقترنت به الشهادة حتّى أضحى لا يُذكر دونها، ولا تُفسّر إلاّ به ، ولا تُضرب الأمثال في الفداء والتضحية إلاّ به، فكان حقّاً سيّد الشهداء وعميدهم.
    لقد نال الإمام الحسين(عليه السلام) أعظم وسام خصّه الله سبحانه وتعالى لعباده المخلصين، وهو وسام الشهادة في سبيل رفع كلمة التوحيد ومحاربة الظلم والجور.
    ومن ذلك الحين تسنّم لحسين(عليه السلام) عرش الشهادة، لم يدانِه أحد، بعد أن سجّل أعظم ملحمة من ملاحم البطولة والفداء في تاريخ الإنسانية. ولقد شهدت كربلاء هذه الملحمة التي لم يخبرنا التاريخ عن ملحمة أعظم وقعاً وأكثر تأثيراً في النفوس منها، ولم يخبرنا أيضاً عن بطولة شهيد كبطولة الحسين(عليه السلام)، وعن أصحاب في الإيثار والفداء والتضحية والاستقامة والشوق إلى الموت كأصحابه.
    فحاز(عليه السلام) منزلة الشرف والتقديس، حتّى غدت كربلاء التي سال على رمضائها دمه ودم أصحابه(عليه السلام) المخلصين، تفوق بقاع العالم قدسيةً وشرفاً، فأضحت مهوى العالمين، وغدا قبره الشريف(عليه السلام) وسام عزّ وشرف لكربلاء ، وكعبة القلوب الوالهة إلى معاني الشرف والحرّية.
    فإن تكن الكعبة قبلة الجباه، فكربلاء مهوى القلوب، وإن تكن أفئدة من الناس تهوي إلى البيت الحرام، فقلوب المؤمنين والأحرار تحنّ إلى زيارته على الدوام.
    غدت كربلاء محطّ رحال الأحرار من المسلمين وغيرهم، وخاصّة شيعة أبيه وأتباع دين جدّه الحقّ ، ولا غرابة أن نرى ذلك القدر الجمّ من الأحاديث التي تبيّن فضل زيارته وشدّ الرحال إليه ، وكان لأهل البيت(عليهم السلام) أثر بارز في التوجيه والحثّ على زيارة قبره الشريف، وتأكيد الفضل العظيم لزيارته عند الله سبحانه وتعالى،حتّى صارت زيارة قبر الحسين(عليه السلام) كأنّها فرض من فروض الدين، فالتزمها الشيعة بشكل دقيق، وهم ينصتون لإمامهم الباقر(عليه السلام) يقول: "مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين(عليه السلام); فإنّ إتيانه مفترض على كلّ مؤمن يقرّ للحسين بالإمامة من الله عزّ وجلّ".[1]
    ولم يترك الله سبحانه زوّاره بدون أن يتحفهم بجوائزه التي أشارت إليها أحاديث المعصومين(عليهم السلام) ; ترغيباً وحثّاً على أدائها ، فكان منها: أنّ زيارته تزيد في الأعمار والأرزاق وتدفع البلاء ، ومنها: أنّ من أتى الحسين(عليه السلام) عارفاً بحقّه كتبه الله في أعلى علّيّين ، ومنها: أنّ زيارة الحسين تساوى حجّة وعمرة .
    وورد في بعضها أنّ زائر قبره تدعو له ملائكة السماء كما يدعو له رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وأنّ زائر قبر الحسين الشهيد(عليه السلام)يصافح رسول الله يوم القيامة، وأنّ من زار قبره عارفاً بحقّه كان كمن زار الله في عرشه ، وأنّ زيارته توجب غفران الذنوب .
    ولا يشكّ في ذلك إلاّ جاهل أو معاند ، أمّا المعاند فتسأل الله له الهداية ، وأمّا
    الجاهل أو الغافل فحريّ بنا أن ندلّه على حقيقة فضل الزيارة وأهمّيتها، وذلك من خلال إبراز الأحاديث الصحيحة التي ذكرت فضل الزيارة، وما أكثرها !
    فهذا الصحيح في فضل الزيارة الحسينيّة يبيّن لك ـ بدراسة فنّية ـ صحّة الأحاديث التي ذكرت فيها فضيلة زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) وآثارها وقدّمت له مقدّمة بسيطة،تناولت فيها البحث في أصل مشروعيّة الزيارة في القرآن الكريم والسيرة النبويّة.
    ثمّ قمتُ بسرد أحد عشر حديثاً صحيحاً، وبسطت الكلام في بيان حال رواة الأحاديث، وحقّقت مصادرها الأُولى للأحاديث، وأثبتّ أنّ هذه الأحاديث اُخذت من المصادر التي كان عليها المُعوّل عند أصحابنا.
    فذكرت في كتابي هذا الأحاديث التي كان لرواتها في كتب الرجال توثيق صريح، أعني بكتب الرجال هنا: رجال الكشّيّ ورجال النجاشيّ ورجال الطوسيّ وفهرست الطوسيّ وخلاصة الأقوال ورجال ابن داود، فإذا لم يَرد توثيق لواحد من رواة الحديث في كتب الرجال تلك، لم أذكره في الكتاب.
    والجدير بالذكر أنّ هذه الأحاديث الإحدى عشر التي تناولتها، هي من الأحاديث الصحيحة الأعلائية ; وأعني بالأعلائية: ما كان جميع رواتها في كلّ مرتبة معلوم الإمامية والعدالة والضبط، فيعبّر عنه بالصحيح الأعلائي[2]
    نعم، في مورد واحد ذكرت حديثاً مصححّاً ; لأهمّيته في الموضوع ، ألا وهو مصححّة الريان بن شبيب، وذكرت الشواهد على قبول ذلك التصحيح.
    وأخيراً ، لا أدّعي الكمال فيما أُقدّمه فالكمال لله تعالى وحده ، أو أنّي استوفيت فيه كلّ ما أبتغيه ، ولذا أستعين بك عزيزي القارئ ; لتتحفني بملاحظاتك القيّمة وانتقاداتك، أو ما تبديه قريحتك ممّا غفلتُ عنه .[3]
    وأرى من الواجب عليَّ أن أتقدّم بجزيل الشكر والثناء إلى سماحة الأُستاذ
    العلاّمة فقيه أهل البيت(عليهم السلام)، السيّد أحمد المددي أدام الله بقاءه ـ مشجّعي في خوض هذا المضمار، والمتفضّل علَيَّ بإرشاداته القيّمة ـ الذي ما زال يعرب عن حبّه وشوقه لنشر هذه الأبحاث.
    كما وأتقدّم بوافر الشكر والتقدير للأخ النبيل محمّد پور صبّاغ لمشاركته وجهوده في تقييم نصّ الكتاب بأمانة ودقّة. سائلاً المولى القدير أن يوفّقه لمرضاته ويثيبه على جهوده النبيلة ، إنّه ولي التوفيق .
    أحمدك اللّهمّ وأشكرك على ما أنعمت علَيَّ وتفضّلت به على عبدك من توفيق وسداد لإتمام هذا العمل المتواضع، راجياً قبوله بلطفك ومنّك يا كريم ، وأن يكون نافعاً لي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتاك يا ربّ بقلب سليم.
    وأخيراً ، أتوجّه إليك يا مولاي يا أبا عبد الله، يا مَن قطّعت أوصالك حبّاً لبارئك ، ببضاعتي المزجاة أضعها بين يدي الغيب راجياً وصولها إلى محطّة الرضوان وبالحضرة القدسية لسيّدي الرحمان ; لكي يثيبني عليها أحسن الثواب، ويضمن لي النجاة يوم (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَة عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْل حَمْلَهَا وَ تَرَى النَّاسَ سُكَـرَى وَ مَا هُم بِسُكَـرَى) ، فهل أذهل عنك يامولاي وعن رجاء شفاعتك وحملي هو كتابي هذا أضعه أمامي قائلاً : اشفع لي يا حسين فأنا من محبّيك والداعين إلى محبّتك ؟
    أقدّم لك يا سيّدي هذا الجهد المتواضع علّي أحضى بشفاعتك يوم يُنادى على الناس بإمامهم ، فأنت إمامي وأنت مرتجاي .
    مهدي خدّاميان الآرانيّ
    18 ذي الحجّة 1429 هـ ـ قمّ المقدّسة


نوشته ها در باره این

نظر شما

.شما در حال ارسال نظر براي از كتاب الصحيح فى فضل الزيارة الحسينية نوشته مهدى خداميان هستید

‌اگر مي خواهيد مطلب ديگري - كه ربطي به اين ندارد- براي من بفرستيداينجا را كليك كنيد.


عنوان این فیلد نمی تواند خالی باشد.
متن نظر شما
لطفا ایمیل خود را وارد کنید * این فیلد نمی تواند خالی باشد.لطفا ایمیل را صحیح وارد نمایید.
لطفا نام خود را وارد نمایید


ابتدای متن