کتب دکتر مهدی خدامیان آرانی - سایت نابناک

سایت استاد مهدي خداميان آرانی

در حال بارگذاری

    فضل الزيارة الحسينيّة

     فضل الزيارة الحسينيّة


    نتناول في هذا الفصل الروايات التي تدلّ على ثواب زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)وفضلها، وسنقتصر على الصحيحة منها خاصّةً، وهي عبارة عن ستّ صحاح: صحيحة عُيَينة بن ميمون، وصحيحة الحسن بن الجَهم، وصحيحة أحمد البَزَنطيّ، وصحيحة ابن أبي يعفور، وصحيحة معاوية بن وهب، وصحيحة زيد الشحّام.

    صحيحة عُيَينة بن ميمون
    ولهذه الرواية سندان:
    السند الأوّل: روى ابن قُولَوَيه عن عليّ بن الحسين بن بابويه وجماعة مشايخه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عُمَير، عن عُيَينة بيّاع القصب.
    السند الثاني: روى الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال عن حمزة العلوي، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عُمَير، عن عُيَينة بيّاع القصب.
    نصّ الرواية : روى عُيَينة بيّاع القصب عن أبي عبد الله(عليه السلام) :
    من أتى الحسين عارفاً بحقّه، كتبه الله في أعلى علّيّين.[180]
    ورواها الشيخ الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه مرسلاً عن الإمام الصادق[181182]
    والآن نبدأ بالتحقيق في هذه الرواية بسنديها ، فنقول:
    تحقيق السند الأوّل
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن عليّ بن الحسين بن بابويه وجماعة مشايخه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عُمَير، عن عُيَينة بيّاع القصب.
    فورد في هذا السند ستّة رجال، تعرّضنا فيما سبق لوثاقة ابن قُولَوَيه وعليّ بن الحسين بن بابويه (والد الشيخ الصدوق)، وبقي الكلام في وثاقة سائر رجال السند:
    وثاقة عليّ بن إبراهيم الهاشمي
    أورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "عليّ بن إبراهيم بن هاشم أبو الحسن القمّيّ: ثقة في الحديث، ثبت ، معتمد، صحيح المذهب، سمع فأكثر، وصنّف كتباً، وأضرّ[183184]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ، له كتب، منها كتاب التفسير".[185]
    وقال ابن داود في رجاله: "عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ أبو الحسن، ثقة في الحديث، ثبت ، معتمد، صحيح المذهب".[186]
    ونقل العلاّمة في خلاصة الأقوال: "عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ، أبو الحسن، ثقة في الحديث، ثبت ، معتمد، صحيح المذهب، سمع وأكثر، صنّف كتباً، وأضرّ في وسط عمره".[187]
    وثاقة إبراهيم بن هاشم القمّيّ
    أورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "إبراهيم بن هاشم، أبو إسحاق القمّيّ، أصله كوفيّ، انتقل إلى قمّ، قال أبو عمرو الكشّيّ: تلميذ يونس بن عبد الرحمن، من أصحاب الرضا(عليه السلام)، هذا قول الكشّيّ، وفيه نظر، وأصحابنا يقولون: أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقمّ هو".[188]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "إبراهيم بن هاشم أبو إسحاق القمّيّ، أصله الكوفة وانتقل إلى قمّ ، وأصحابنا يقولون: إنّه أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقمّ، وذكروا أنّه لقي الرضا(عليه السلام)".[189]
    وذكره في رجاله في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً: "إبراهيم بن هاشم الهاشمي: تلميذ يونس بن عبد الرحمن".[190]
    وقال العلاّمة في خلاصة الأقوال: "لم أقف لأحد من أصحابنا على قول في القدح فيه ولا على تعديله بالتنصيص، والروايات عنه كثيرة، والأرجح قبول قوله".[191]
    ثمّ إنّ هناك كلام في توثيق إبراهيم بن هاشم، فربّما يقال إنّه لم يصرّح الرجاليّون بتوثيقه، ونحن نعتقد أنّ شأن إبراهيم بن هاشم أجلّ من أن يوثّق، وفي الواقع أنّه غنيّ عن التصريح بالتوثيق.
    بيان ذلك: ذكر الشيخ والنجاشي أنّه أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقمّ، وإن دلّ على هذا شيء دلّ على اعتماد القمّيّين على روايات إبراهيم بن هاشم، إذ كان القمّيّون يتعصّبون للتراث الحديثي، فلو كان على إبراهيم بن هاشم شائبة غمز لما اعتمدوا على رواياته.
    والشواهد تشير إلى أنّه لمّا هاجر إبراهيم بن هاشم من الكوفة إلى قمّ وقام بنشر الحديث في هذه المدينة، اعتمد أصحابنا القمّيّون عليه، واهتمّوا برواياته اهتماماً بالغاً; لأنّهم وجدوه ثقةً جليلاً معتمداً.
    فعدم التصريح بتوثيق إبراهيم بن هاشم لغنائه عن التوثيق، ولقد ادّعى السيّد ابن طاوس الاتّفاق على وثاقة عليّ بن إبراهيم، حيث قال عند ذكر رواية في سندها عليّ بن إبراهيم: "ورواة الحديث ثقات بالاتّفاق".[192]
    وقال الشهيد الثاني : "إنّ إبراهيم بن هاشم كان من أجلّ الأصحاب وأكبر الأعيان، وحديثه من أحسن مراتب الحسن".[193]
    ولقد أجاد المحقّق الهمداني حين قال: "قد يناقش في وصف حديث إبراهيم بن هاشم بالصحّة، حيث إنّ أهل الرجال لم ينصّوا بتوثيقه، وهذا ممّا لا ينبغي الالتفات إليه، فإنّ إبراهيم بن هاشم باعتبار جلالة شأنه وكثرة رواياته واعتماد ابنه والشيخ الكلينيّ والشيخ وسائر العلماء والمحدّثين، غنيّ عن التوثيق، بل هو أوثق في النفس من أغلب الموثّقين الذين لم يثبت وثاقتهم إلاّ بظنون اجتهادية غير ثابتة الاعتبار. والحاصل، أنّ القدح في روايات إبراهيم في غير محلّه".[194]
    ويجدر الإشارة إلى أنّ الشيخ الكلينيّ في كتابه الكافي نقل عن اُستاذه عليّ بن إبراهيم، عن إبراهيم بن هاشم نحو أكثر من (4800) رواية، وأنت خبير بأنّ الشيخ الكلينيّ أورد في كتابه الكافي ما يقارب (15000) حديث، ممّا يعني أنّ ما يقرب من ثلث التراث الحديثيّ عند الشيخ الكلينيّ هو عن طريق إبراهيم بن هاشم.
    وإليك كلام السيّد الداماد في هذا المقام: "الأشهر الذي عليه الأكثر عدّ الحديث من جهة إبراهيم بن هاشم حسناً، ولكن في أعلى درجات الحسن التالي لدرجة الصحّة. والصحيح الصريح عندي أنّ الطريق من جهته صحيح، فأمره أجلّ، وحاله أعظم من أن يعدل بمعدل، أو يوثق بموثق، حكى القول بذلك جماعة من أعاظم الأصحاب ومحقّقيهم، وعن شيخنا البهائي، عن أبيه أنّه كان يقول : إنّي لأستحيي أن لا أعدّ حديثه صحيحاً، يفهم توثيقه من تصحيح العلاّمة طرق الصدوق".[195]
    ولقد صرّح السيّد الخوئي بأنّه لا ينبغي الشكّ في وثاقة إبراهيم بن هاشم.[196]
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ إبراهيم بن هاشم أجلّ من أن يوثّق بكلام غيره، بل غيره يوثّق به.
    وثاقة محمّد بن أبي عُمَير
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن أبي عُمَير : الأزدي ".[197]
    وذكر الكشّيّ مدحه وفضله ، ونقل أنّ ابن أبي عُمَير اُخذ وحُبس واُخذ كلّ شيء كان له ، وذهبت كتبه فلم يخلص كتب أحاديثه ، فكان يحفظ أربعين مجلّداً، فسمّاه نوادر ، فلذلك توجد أحاديث منقطعة الأسانيد.[198]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "محمّد بن أبي عُمَير زياد بن عيسى : أبو أحمد الأزدي ، من موالي المُهلّب بن أبي صفرة ، وقيل : مولى بني اُميّة ; والأوّل أصحّ ، بغداديّ الأصل والمقام ، لقي أبا الحسن موسى(عليه السلام) وسمع منه أحاديث ، كنّاه في بعضها، فقال : يا أبا أحمد ، وروى عن الرضا(عليه السلام) ، جليل القدر ، وعظيم المنزلة فينا وعند المخالفين ".[199]
    ذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "محمّد بن أبي عُمَير : يُكنّى أبا أحمد ، من موالي الأزد ، واسم أبي عُمَير زياد ، وكان من أوثق الناس عند الخاصّة والعامّة ".[200]
    وذكره في رجاله في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن أبي عُمَير : يُكنّى أبا أحمد ، واسم أبي عُمَير زياد ، مولى الأزد ، ثقة ".[201]
    وثاقة عُيَينة بن ميمون
    أورده النجاشيّ في رجاله قائلاً : "عُيَينَة بن ميمون ، بيّاع القصب : ثقة ، عين ، مولى بَجِيلة ، روى عن أبي عبد الله(عليه السلام) ".[202]
    وذكره الشيخ في فهرسته بعنوان "عُتبة بيّاع القصب ".[203]
    وذكره في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) تارةً بعنوان "عُتبة بيّاع القصب" ، واُخرى بعنوان "عُيَينَة بن ميمون : البَجَلي ، مولاهم ، القَصَباني ، كوفيّ" .[204]
    والحاصل، أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات الأجلاّء وعليه فالحديث بهذا السند صحيح.
    تحقيق السند الثاني
    ذكرنا إسناد الشيخ الصدوق عن حمزة بن محمّد العلويّ، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عُمَير، عن عُيَينة بيّاع القصب.
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال هذا السند وبقي الكلام في حمزة بن محمّد العلوي ، فنقول:
    ذكره الشيخ في رجاله قائلاً: "حمزة بن محمّد القزويني العلوي: يروي عن عليّ بن إبراهيم، روى عنه محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه".[205]
    وكيف كان، ليس لحمزة بن محمّد العلوي توثيق صريح، وأمّا سائر رجال السند فقد ذكرنا أنّهم من الثقات والأجلاّء.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، وهذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر لابن أبي عُمَير، وهو كتاب معتمد عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام من هذه الجهة:
    إذا راجعنا رجال النجاشيّ وفهرست الطوسيّ وجدنا أنّهما ذكرا من جملة كتب ابن أبي عُمَير كتاب النوادر[206]
    وفي سند هذه الراوية نجد أنّ إبراهيم بن هاشم روى عن ابن أبي عُمَير، وأنّ إبراهيم بن هاشم هو أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقمّ، والظاهر أنّه أوّل من نقل كتاب ابن أبي عُمَير إلى قمّ[207]
    وقد نقل سعد بن عبد الله والحِميَريّ وعليّ بن إبراهيم هذه النسخة إلى مدينة قم، ومن ثمّ تحمّل والد الشيخ الصدوق وابن الوليد وغيرهما من مشايخ ابن قُولَوَيه هذا الكتاب من عليّ بن إبراهيم.
    وبالجملة، أنّ كتاب النوادر لابن أبي عُمَير كان عند ابن قُولَوَيه بطريق صحيح، فأخذ هذه الرواية من هذا الكتاب وأدرجها في كامل الزيارات.
    فتبيّن أنّ رواية عُيَينة بيّاع القصب من الروايات المصحّحة رجالياً، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه كان معتبراً أيضاً.
    تتميم
    روى ابن قُولَوَيه قول الإمام الصادق(عليه السلام) : "مَن أتى قبر الحسين(عليه السلام) عارفاً بحقّه، كتبه الله في علّيّين" بسبعة أسانيد اُخر، نذكرها تتميماً للفائدة:
    السند الأوّل: روى عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أبي داود سليمان بن سفيان المُستَرِقّ، عن عبد الله بن مُسكان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام).[208]
    السند الثاني: روى عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عبد الله بن مُسكان، عن أبي عبد الله(عليه السلام).[209]
    السند الثالث: روى عن محمّد بن الحسن بن الوليد عن محمّد بن الحسن الصفّار وسعد بن عبد الله جميعاً، عن عليّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عمرو الزيّات، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله(عليه السلام).[210]
    السند الرابع: روى عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن عليّ بن عبد الله بن المغيرة، عن العبّاس بن عامر، عن أبان، عن ابن مُسكان، عن أبي عبد الله(عليه السلام).[211]
    السند الخامس: روى عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن عبد الله بن مُسكان، عن أبي عبد الله(عليه السلام).[212]
    السند السادس: روى عن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي الكوفيّ، عن عبّاس بن عامر، عن ربيع بن محمّد المُسلِيّ، عن عبد الله بن مُسكان، عن أبي عبد الله(عليه السلام).[213]
    السند السابع: روى عن أبيه ومحمّد بن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن أبيه عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن عبد الله بن محمّد بن خالد الطَّيالِسِي، عن ربيع بن محمّد، عن عبد الله بن مُسكان، عن أبي عبد الله(عليه السلام).[214]




    صحيحة الحسن بن الجَهم
    ولهذه الرواية سندان:
    السند الأوّل: روى ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات عن أبيه وابن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن الحسن بن الجَهم.
    السند الثاني: روى الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن الحسن بن الجَهم.
    نصّ الرواية : قال الحسن بن الجَهم:
    قلت لأبي الحسن(عليه السلام) : ما تقول في زيارة قبر الحسين(عليه السلام)؟
    فقال لي: ما تقول أنت فيه؟
    فقلت: بعضنا يقول حجّة، وبعضنا يقول عمرة.
    فقال: هي عمرة مقبولة.[215]
    وذكرها العلاّمة المجلسيّ، والحرّ العامليّ، والمحدّث النوري.[216]
    والآن نبدأ بالتحقيق في هذه الرواية بسنديها، فنقول:
    تحقيق السند الأوّل
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات عن أبيه وابن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى جميعاً، عن موسى بن القاسم، عن الحسين بن الجَهم.
    وليس لعبد الله بن محمّد بن عيسى (المعروف ببنان) توثيق صريح، إلاّ أنّ هذا لا يضرّ بصحّة السند ; لأنّ في المقام أحمد بن محمّد بن عيسى وعبد الله بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، وقد تقدّم توثيق أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ.
    وقد سبق توثيق رجال السند، وبقي الكلام في وثاقة موسى بن القاسم والحسن بن الجَهم:
    وثاقة موسى بن القاسم
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الجواد(عليه السلام) بعنوان "موسى بن القاسم البَجَليّ".[217]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب البَجَليّ، أبو عبد الله، يلقّب البَجَلي، ثقة ثقة، جليل، واضح الحديث، حسن الطريقة".[218]
    وذكره الشيخ في فهرسته[219]
    وذكره في رجاله، تارةً في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب : عربيّ ، بَجَليّ ، كوفيّ ، ثقة" .
    واُخرى في أصحاب الجواد(عليه السلام) قائلاً : "موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب : البَجَلي ، من أصحاب الرضا(عليه السلام) ".[220]
    وثاقة الحسن بن الجَهم
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الكاظم(عليه السلام)، تارةً بعنوان "الحسن بن جَهم بن أعيَن"، واُخرى بعنوان "الحسن بن الجَهم الرازي".[221]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "الحسن بن الجَهم بن بكير بن أعيَن، أبو محمّد الشيباني، ثقة".[222]
    وذكره الشيخ في فهرسته[223]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً: "الحسن بن الجَهم بن بكير بن أعين: ثقة" .
    واُخرى في أصحاب الرضا(عليه السلام) بعنوان "الحسن بن الجهم الرازي".[224]
    فتحصّل، أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات، فالحديث صحيح أعلائي.
    تحقيق السند الثاني
    ذكرنا إسناد الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن الحسن بن الجَهم.
    وقد مضى منّا وثاقة جميع رجال هذا السند، وعليه فالحديث بسنده الثاني أيضاً صحيح أعلائي.
    ثمّ إنّا ذكرنا أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة التي تحمّلها المشايخ، ونتعرّض لبيان منهج قدمائنا في تقييم هذا الحديث الشريف، فنقول:
    إنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب موسى بن القاسم، وهو من الكتب المعتبرة عند أصحابنا. وإليك تفصيل الكلام من هذه الجهة:
    إذا راجعنا فهرست الطوسيّ في ترجمة موسى بن القاسم وجدنا أنّه ذكر له ثلاثين كتاباً، والظاهر أنّ من جملة هذه الكتب كتاب الزيارات.[225]
    وذكر الشيخ الطوسيّ طريقين إلى كتب موسى بن القاسم:
    الطريق الأوّل: عن جماعة، منهم الشيخ المفيد، عن الشيخ الصدوق، عن ابن الوليد عن الصفّار وسعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن موسى بن القاسم.
    الطريق الثاني: عن ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن الصفّار وسعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن موسى بن القاسم.[226]
    وإذا راجعت إلى سند صحيحة ابن الجَهم وجدت أنّ ابن قُولَوَيه روى عن ابن الوليد، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، ومعنى ذلك أنّ هذا السند هو نفس الطريق الذي ذُكر في فهرست الطوسيّ.
    وبالجملة، أنّ موسى بن القاسم سمع هذا الحديث في الكوفة من الحسن بن الجَهم وأدرجه في كتابه الزيارات، فأصل الكتاب كان كوفياً، ثمّ إنّ أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ لمّا خرج من مدينة قمّ لطلب الحديث، دخل الكوفة فتحمّله من شيوخ الحديث في الكوفة.
    فالظاهر أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ تحمّل كتاب الزيارات من موسى بن القاسم، ونقله إلى مدينة قمّ، وقام سعد بن عبد الله الأشعريّ بتحمّله منه ، ثمّ إنّ ابن الوليد تحمّله من اُستاذه سعد بن عبد الله الأشعريّ.
    وكان عند ابن قولويه كتاب الزيارات لموسى بن القاسم بطريق صحيح، فأخذ منه الحديث وأدرجه في كتابه.
    فتبيّن أنّ رواية ابن الحسن بن الجَهم من أصحّ ما عندنا من الروايات رجالياً وفهرستياً.
    تتميم
    روى ابن قُولَوَيه أحاديثاً تؤيّد صحيحة ابن الجَهم، نذكرها تتميماً للفائدة:
    الحديث الأوّل: روى عن أبيه وعليّ بن الحسين ومحمّد بن يعقوب رحمهم الله جميعاً، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: سأل بعض أصحابنا أبا الحسن الرضا(عليه السلام) عمّن أتى قبر الحسين(عليه السلام) ؟ قال: تعدل عمرة.[227]
    الحديث الثاني: روى عن أبيه ومحمّد بن عبد الله جميعاً، عن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه عليّ بن مهزيار، عن محمّد بن سنان، قال: سمعت أبا الحسن(عليه السلام) يقول: إنّ زيارة قبر الحسين(عليه السلام) تعدل عمرة مبرورة متقبّلة.[228]
    الحديث الثالث: روى عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان، قال: سمعت الرضا(عليه السلام) يقول: زيارة قبر الحسين(عليه السلام)تعدل عمرة مبرورة متقبّلة.[229]
    الحديث الرابع: روى عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: سألته عن زيارة قبر الحسين(عليه السلام)، أيّ شيء فيه من الفضل ؟ قال: تعدل عمرة.[230]
    الحديث الخامس: روى عن جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن إدريس ومحمّد بن يحيى العطّار، عن العَمرَكي بن عليّ، عن بعض أصحابه، عن بعضهم(عليهم السلام)، قال: أربع عمر تعدل حجّة، وزيارة قبر الحسين(عليه السلام) تعدل عمرة.[231]
    الحديث السادس: روى بهذا الإسناد، عن العَمرَكي بن البُوفَكي، عمّن حدّثه، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الناب، قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن زيارة قبر الحسين(عليه السلام)، قال: نعم، تعدل عمرة، ولا ينبغي أن يتخلّف عنه أكثر من أربع سنين.[232]


    صحيحة أحمد البَزَنطيّ
    ولهذه الرواية سندان:
    السند الأوّل: روى الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال، عن أبيه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن البَزَنطيّ.
    السند الثاني: روى ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات، عن أبيه وعليّ بن الحسين بن بابويه والشيخ الكلينيّ جميعاً، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن البَزَنطيّ.
    نصّ الرواية: قال البَزَنطيّ:
    سأل بعض أصحابنا أبا الحسن الرضا(عليه السلام) عمّن أتى قبر الحسين صلوات الله عليه؟ قال: تعادل حجّة وعمرة.[233]
    ورواها ابن المشهديّ في مزاره، وذكرها العلاّمة المجلسيّ، والحرّ العامليّ.[234]
    والآن نبدأ بتحقيق الرواية بسنديها، فنقول:
    تحقيق السند الأوّل
    ذكرنا إسناد الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال عن أبيه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن البَزَنطيّ.
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال السند، وبقي الكلام في وثاقة أحمد البَزَنطيّ:
    وثاقة أحمد بن محمّد البَزَنطيّ
    عدّه الكشّيّ ممّن أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عنهم، وروى أيضاً مدحه.[235]
    وعدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الرضا(عليه السلام) مرّتين ، تارةً فيمن أدرك الكاظم(عليه السلام)بعنوان "أحمد بن محمّد بن أبي نصر"، وقال : "ولقبه البَزَنطيّ" ، واُخرى فيمن نشأ في عصر الرضا(عليه السلام) بنفس العنوان .[236]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "أحمد بن محمّد بن عمرو بن أبي نصر زيد ، مولى السَّكوني ، أبو جعفر ، المعروف بالبَزَنطيّ ، كوفىّ ، لقي الرضا وأبا جعفر(عليهما السلام) ، وكان عظيم المنزلة عندهما ، وله كتب ... ومات أحمد بن محمّد سنة إحدى وعشرين ومئتين بعد وفاة الحسن بن عليّ بن فضّال بثمانية أشهر ، ذكر محمّد بن عيسى بن عُبَيد أنّه سمع منه سنة عشر ومئتين ".[237]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، زيد : مولى السَّكُوني ، أبو جعفر ، وقيل : أبو عليّ ، المعروف بالبَزَنطيّ ، كوفىّ ، ثقة ، لقي الرضا(عليه السلام)، وكان عظيم المنزلة عنده، وروى عنه كتاباً ".[238]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "أحمد بن محمّد بن أبي نصر البَزَنطيّ : مولى السَّكُوني، ثقة ، جليل القدر ".
    واُخرى في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "أحمد بن محمّد بن أبي نصر البَزَنطيّ : ثقة ، مولى السَّكُوني، له كتاب الجامع ، روى عن أبي الحسن موسى(عليه السلام) ".
    وثالثةً في أصحاب الجواد(عليه السلام) قائلاً : "أحمد بن محمّد بن أبي نصر البَزَنطيّ : من أصحاب الرضا(عليه السلام) ".[239]
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات، فالحديث صحيح.
    تحقيق السند الثاني
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات عن أبيه وعليّ بن الحسين بن بابَوَيه (والد الشيخ الصدوق) والكلينيّ جميعاً، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن البَزَنطيّ.
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال هذا السند، وبقي الكلام في وثاقة الشيخ الكلينيّ:
    وثاقة الشيخ الكلينيّ
    أورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "محمّد بن يعقوب بن إسحاق : أبو جعفر ، الكلينيّ ، وكان خاله عَلاّن الكلينيّ الرازي شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم ، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم ، صنّف الكتاب الكبير المعروف بالكلينيّ ، يُسمّى الكافي في عشرين سنة ".[240]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "محمّد بن يعقوب الكلينيّ : يُكنّى أبا جعفر ، ثقة ، عارف بالأخبار".[241]
    وذكره في رجاله فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً : "محمّد بن يعقوب الكلينيّ : يُكنّى أبا جعفر الأعور ، جليل القدر ، عالم بالأخبار ، وله مصنّفات يشتمل عليها الكتاب المعروف بالكافي ".[242]
    وقال الذهبيّ: "الكلينيّ: شيخ الشيعة وعالم الإمامية، صاحب التصانيف، أبو جعفر محمّد بن يعقوب الرازي الكلينيّ".[243]
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات الأجلاّء، وعليه فالحديث صحيح.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، وهذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم، وهو كتاب معتمد عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام من هذه الجهة:
    إذا راجعنا رجال النجاشيّ وفهرست الطوسيّ نجد أنّهما ذكرا كتاب النوادر في عداد كتب إبراهيم بن هاشم،[244]
    هذا وأنّ إبراهيم بن هاشم سمع هذا الحديث الشريف من أحمد بن أبي نصر البَزَنطيّ فأدرجه في كتابه النوادر، ثمّ قام ابنه عليّ بن إبراهيم بتحمّل هذا الكتاب من أبيه، كما أنّ والد الشيخ الصدوق تحمّله من شيخه عليّ بن إبراهيم، وبعد ذلك تحمّله ثلاثة من مشايخ قمّ (والد الشيخ الصدوق، ووالد صاحب كامل الزيارات، والكلينيّ) من عليّ بن إبراهيم، ثمّ سمعه صاحب كامل الزيارات من هذه المشايخ الثلاثة.
    فابن قُولَوَيه لمّا أراد أن يكتب كتاب كامل الزيارات أخذ هذا الحديث من كتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم، وأدرجه في كتابه. والظاهر أنّه كان عند الشيخ الصدوق نسخة من كتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم، وهي نسخة ابنه عليّ.
    إذا راجعت التراث الحديثيّ للشيخ الصدوق، وجدت أنّه روى في أحاديث كثيرة عن أبيه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، ممّا يؤيّد ما ذكرنا أنّ والد الشيخ الصدوق روى كتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم القمّي.[245]
    والحاصل، أنّ كتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم كان عند الشيخ الصدوق تحمّله من والده عن عليّ بن إبراهيم، عن إبراهيم بن هاشم.
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا صحّة هذا الحديث رجالياً وفهرستياً، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه هذه الرواية كان معتبراً أيضاً.
    وهناك روايتان معتبرتان تؤيّدان صحيحة أحمد البزنطيّ،ّ ونذكرهما هنا تتميماً للفائدة:
    الحديث الأوّل: موثّقة فضيل بن يَسَار
    روى ابن قُولَوَيه عن ابن الوليد، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن حَرِيز بن عبد الله، عن فضيل بن يَسَار، عن أبي جعفر(عليه السلام) :
    زيارة قبر رسول الله(صلى الله عليه وآله) وزيارة قبور الشهداء وزيارة قبر الحسين بن عليّ(عليه السلام) ، تعدل حجّة مبرورة مع رسول الله(صلى الله عليه وآله).[246]
    وقد تعرّضنا لوثاقة ابن الوليد، والصفّار، وأحمد بن محمّد بن عيسى، والحسن بن عليّ بن فضّال.
    أمّا حَرِيز بن عبد الله فقد أدرجه النجاشيّ في رجاله مع وصفه بالسِّجستانيّ[247248]
    وأمّا فضيل بن يَسَار فقد عدّه الكشّيّ ممّن أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عنهم[249250]
    والحاصل، أنّ رجال السند من ثقات الإمامية، إلاّ ابن فضّال، فإنّه كان فطحياً، لكنّه ثقة، فالرواية موثّقة بابن فضّال.
    والظاهر أنّ فضيل بن يَسَار (الذي كان يسكن البصرة) سمع هذا الحديث عن الإمام الباقر(عليه السلام) عندما سافر إلى المدينة المنوّرة، فالحديث في أصله كان من البصرة، ولمّا سافر فضيل إلى الكوفة سمع حَرِيز منه، فصار الحديث كوفيّاً.
    ثمّ سمع ابن فضّال الحديث من حَرِيز، وأدرجه في كتابه الزيارات، فإنّا إذا راجعنا رجال النجاشيّ وجدنا أنّه ذكر كتاب الزيارات من جملة كتب الحسن بن عليّ بن فضّال.
    وأنت خبير بأنّ كتاب الزيارات لابن فضّال اُلّف في الكوفة، ولمّا سافر أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ إليها لأخذ الحديث، سمع هذا الكتاب من ابن فضّال، ونقله إلى مدينة قمّ، ثمّ تحمّله سعد بن عبد الله الأشعريّ من أحمد بن محمّد بن عيسى، كما أنّ ابن الوليد سمعه من الصفّار.
    وأمّا ابن قُولَوَيه، فإنّه سمع هذا الكتاب من اُستاذه وشيخه ابن الوليد.
    فتحصّل أنّ كتاب الزيارات لابن فضّال كان عند ابن قُولَوَيه، وأنّه ذكر هذا الحديث من هذا الكتاب.
    الحديث الثاني: مصحّحة عبد الله بن ميمون
    روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ، عن أبيه محمّد بن عيسى الأشعريّ، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال:
    قلت له: ما لمن أتى قبر الحسين(عليه السلام) زائراً عارفاً بحقّه غير مستكبر ولا مستنكف؟ قال(عليه السلام) :
    يُكتب له ألف حجّة وألف عمرة مبرورة، وإن كان شقياً كُتب سعيداً، ولم يزل يخوض في رحمة الله عزّ وجلّ.
    وقد سبق الكلام وثاقة ابن الوليد، والصفّار، وأحمد بن محمّد بن عيسى.
    أمّا محمّد بن عيسى الأشعريّ، فقد ذكر النجاشيّ في رجاله أنّه كان شيخ القمّيّين[251252253]
    وأمّا عبد الله بن المغيرة البَجَلي، فقد وثّقه النجاشيّ مرّتين في رجاله، وقال: "لا يعدل به أحد من جلالته ودينه وورعه".[254]
    وأمّا عبد الله بن ميمون القدّاح، فقد وثّقه النجاشيّ في رجاله.[255]
    والحاصل، أنّ رجال السند كلّهم من الثقات الأجلاّء الذين صرّح الرجاليّون بوثاقتهم، إلاّ محمّد بن عيسى الأشعريّ، ونحن استظهرنا وثاقته تبعاً للشهيد الثاني، وعليه فالرواية مصحّحة.[256]
    تتميم
    نذكر بعض الأحاديث التي وردت في فضيلة الحجّ ; للمقارنة فيها بين ثواب زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) وثواب الحجّ ، فاذا ما اطّلعنا على ثواب الحجّ تجلّت لنا عظمة ثواب زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) أكثر من ذي قبل.
    وإليك بعض الأحاديث الواردة في بيان فضل الحجّ:
    1 ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام) : كان أبي يقول: من أمّ هذا البيت حاجّاً أو معتمراً مبرّءاً من الكِبر، رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته اُمّه.[257]
    2 ـ عن أبي جعفر(عليه السلام) : إنّ الحاجّ إذا أخذ في جهازه، لم يخط خطوة في شيء من جهازه إلاّ كتب الله عزّ وجلّ له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيّئات، ورفع له عشر درجات، حتّى يفرغ من جهازه متى ما فرغ، فإذا استقبلت به راحلته لم تضع خفّاً ولم ترفع، إلاّ كتب الله عزّ وجلّ له مثل ذلك، حتّى يقضي نسكه، فإذا قضى نسكه غفر الله له ذنوبه، وكان ذا الحجّة والمحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل أربعة.[258]
    3 ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام) : الحاجّ والمعتمر وفد الله، إن سألوه أعطاهم، وإن دعوه أجابهم، وإن شفعوا شفّعهم، وإن سكتوا ابتدأهم، ويُعوّضون بالدرهم ألف ألف درهم.[259]
    4 ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام) : إنّ العبد ليخرج من بيته فيُعطي قِسماً، حتّى إذا أتى المسجد الحرام طاف طواف الفريضة، ثمّ عدل إلى مقام إبراهيم فصلّى ركعتين، فيأتيه ملك فيقوم عن يساره، فإذا انصرف ضرب بيده على كتفيه فيقول: يا هذا، أمّا ما مضى فقد غُفر لك، وأمّا ما يستقبل فجدّ.[260]
    5 ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام) : حجّة خير من بيت مملوء ذهباً يتصدّق به حتّى يفنى.[261]
    6 ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام) : حجّة أفضل من سبعين رقبة لي. قلت : ما يعدل الحجّ شيء؟ قال: ما يعدله شيء، والدرهم في الحجّ أفضل من ألف ألف فيما سواه في سبيل الله.[262]
    وفيما يلي بعض الأحاديث المروية عن طرق العامّة في فضل الحجّ:
    1 ـ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): من جاء يؤمّ البيت الحرام فركب بعيره، فما يرفع البعير خفّاً ولا يضع خفّاً، إلاّ كتب الله له بها حسنة، وحطّ بها عنه خطيئة، ورفع له بها درجة، حتّى إذا انتهى إلى البيت فطاف وطاف بين الصفا والمروة، ثمّ حلق أو قصّر، إلاّخرج من ذنوبه كيوم ولدته اُمّه، فهلمّ يستأنف العمل.[263]
    2 ـ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): مَن أضحى يوماً محرماً ملبّياً حتّى غربت الشمس، غربت بذنوبه، فعاد كما ولدته اُمّه.[264]
    3 ـ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّ للحاجّ الراكب بكلّ خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة، وللماشي بكلّ خطوة يخطوها سبعمئة حسنة.[265]
    4 ـ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّ الملائكة لتصافح ركاب الحجّاج وتعتنق المشاة.[266]
    5 ـ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): حجّوا ; فإنّ الحجّ يغسل الذنوب كما يغسل الماء الدَّرَن.[267]


    صحيحة ابن أبي يعفور
    روى ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات عن ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن عيسى اليقطيني، عن أبي سعيد القمّاط، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول:
    لو أنّ رجلاً أراد الحجّ ولم يتهيّأ له ذلك، فأتى الحسين(عليه السلام) فعرف عنده، يجزيه ذلك من الحجّ.[268]
    وذكرها العلاّمة المجلسيّ، والمحدّث النوري.[269]
    وقد تعرّضنا لوثاقة بعض رجال السند وبقي الكلام في وثاقة محمّد بن عيسى اليقطيني، وأبي سعيد القمّاط، وابن أبي يعفور:
    وثاقة محمّد بن عيسى اليقطينيّ
    عدّه البرقيّ في رجاله تارةً في أصحاب الهادي(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن عيسى بن عُبَيد : يقطينيّ قال له إسحاق : أقعد ، حتّى قال : لم أؤمر بذلك ".
    واُخرى في أصحاب العسكريّ(عليه السلام).[270]
    وأدرجه الكشّيّ في جملة العدول والثقات من أهل العلم.[271]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "محمّد بن عيسى بن عُبَيد بن يقطين بن موسى : مولى أسد بن خزيمة ، أبو جعفر ، جليل في أصحابنا ، ثقة ، عين ، كثير الرواية ، حسن التصانيف ، روى عن أبي جعفر الثاني(عليه السلام) مكاتبةً ومشافهةً . وذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد أنّه قال : ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يُعتمد عليه ، ورأيت أصحابنا ينكرون هذا القول ويقولون : مَن مثلُ أبي جعفر محمّد بن عيسى ؟ سكن بغداد ".[272]
    ذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "ضعيفٌ ، استثناه أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه عن رجال نوادر الحكمة".[273]
    وذكره في رجاله في أصحاب الهادي(عليه السلام)، تارةً قائلا : "محمّد بن عيسى بن عُبَيد : بغداديّ ".
    واُخرى قائلا : "محمّد بن عيسى بن عُبَيد اليقطينيّ : يونسيّ ، ضعيف ".
    وثالثةً في أصحاب العسكريّ(عليه السلام)، ورابعةً فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام)، وذكر أنّه كان ضعيفاً.[274]
    وقد عرفت أنّ الشيخ الطوسيّ صرّح بأنّ محمّد بن عيسى ضعيف، ولا بأس بصرف الجهد في تحقيق كلامه في هذا المجال، فنقول:
    إنّ محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعريّ القمّيّ قام بتأليف كتاب نوادر الحكمة ، ووصف النجاشيّ هذا الكتاب بأنّه كان كتاباً حسناً كبيراً، يعرفه القمّيّون بدبّة شَبيب، وأنّ شَبيب فامىّ (بيّاع الفوم) كان بقمّ، له دبّة ذات بيوت يعطي منها ما يُطلب منه من دهن ، فشبّهوا هذا الكتاب بذلك .[275]
    ثمّ إنّ لابن الوليد قولين بشأن محمّد بن عيسى، نتعرّض لهما بإجمال ، فنقول: إنّ هناك مقالتين:
    المقالة الأولى: صرّح كلّ من النجاشيّ والشيخ بأنّ ابن الوليد استثنى من رجال نوادر الحكمة ما رواه محمّد بن عيسى بن عُبَيد بإسناد منقطع.[276]
    فها هنا مسلكان في مراد ابن الوليد من ذلك:
    المسلك الأوّل : التضعيف الرجالىّ، وهو مسلك الشيخ الطوسيّ ، حيث فهم من هذا الاستثناء التضعيف الرجالىّ ، بمعنى أنّه لا يمكن الاعتماد على رواياته .
    ونذكر لكم المورد الذي فهم الشيخ الطوسيّ من هذا الاستثناء التضعيف الرجالىّ فقال في فهرسته في ترجمة محمّد بن عيسى بن عُبَيد : "محمّد بن عيسى بن عُبَيد اليقطينيّ : ضعيف ، استثناه أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه عن رجال نوادر الحكمة ".[277]
    المسلك الثاني : التضعيف الفهرستيّ، وهو مسلك النجاشي ; لأنّه صرّح أنّ محمّد بن عيسى بن عُبَيد جليل ثقة عين ، مع أنّه يذكر أنّ ابن الوليد استثناه من روايات صاحب نوادر الحكمة .
    فابن الوليد كان يستشكل على روايات كتاب نوادر الحكمة، التي وردت فيه عن طريق محمّد بن عيسى بن عُبَيد خاصّة.
    فليس مراد ابن الوليد تضعيف كلّ روايات محمّد بن عيسى، بل مراده هو تضعيف الروايات التي رواها صاحب نوادر الحكمة في كتابه عن طريق محمّد بن عيسى خاصّة.
    والإنصاف أنّ هذا المسلك هو الصحيح ; لأنّه إذا دقّقنا في هذا الاستثناء وجدنا أنّ السياق فيه سياق فهرستيّ ، وليس سياقاً رجاليّاً .[278]
    والظاهر أنّ ابن الوليد كان يستشكل على روايات محمّد بن عيسى بن عُبَيد التي انفرد بروايتها يونس بن عبد الرحمن.[279]
    ثمّ إنّ النجاشيّ بعد ذكر استثناءات ابن الوليد في رجال نوادر الحكمة قال في رجاله : "قال أبو العبّاس بن نوح : وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد في ذلك كلّه ، وتبعه أبو جعفر بن بابويه رحمه الله ، إلاّ في محمّد بن عيسى بن عُبَيد، فلا أدري ما رابه فيه لأنّه كان على ظاهر العدالة والوثاقة ".[280]
    وقد جاء في خاتمة مستدرك الوسائل، وجامع الرواة، ومعجم رجال الحديث، نقلاً عن رجال النجاشيّ "ما رأيه" بدل "ما رابه" .[281]
    والظاهر أنّ "ما رابه" أصحّ ; لأنّ المفهوم من "ما رأيه" أنّ الشيخ الصدوق لم يطّلع على رأي ابن الوليد بحيث يقول : "لا أدري ما رأيه ؟" ، ولكن بناءً على "رابه" يصير المعنى : "لا أدري أيّ شيء جعله شاكّاً في محمّد بن عيسى بن عُبَيد" ؟[282]
    وكيف كان، فمراد ابن الوليد من استثناء ما رواه محمّد بن عيسى بن عُبَيد بإسناد منقطع، هو تأمّل ابن الوليد في جملة من روايات محمّد بن عيسى بن عُبَيد، متبنيّا أنّها كانت مرسلة أو كانت بالوجادة .[283]
    ولا يخفى عليك أنّ استشكال ابن الوليد على روايات محمّد بن عيسى بن عُبَيد في كلامه هنا ، كان في كتاب نوادر الحكمة خاصة، ونحتمل أنّ بعض الاستشكال إنّما نشأ من صاحب نوادر الحكمة ; لأنّه كان يروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ولا يبالي عمّن أخذ .
    المقالة الثانية: إنّ النجاشيّ قال في رجاله في ترجمة محمّد بن عيسى بن عُبَيد : "وذكر أبو جعفر بن بابَوَيه، عن ابن الوليد أنّه قال : ما تفرّد به محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يُعتمد عليه ".[284]
    وكما هو واضح فإنّ محمّد بن عيسى بن عُبَيد روى تراثاً عظيماً من روايات يونس بن عبد الرحمن في الكافي وتهذيب الأحكام والاستبصار.[285]
    إنّ الشيخ الصدوق لم يروِ و حتى رواية واحدة عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد عن يونس في كتاب من لا يحضره الفقيه ، فإنّ لابن الوليد كان يرتاب في الروايات التي رواها محمّد بن عيسى بن عُبَيد عن يونس بن عبد الرحمن .
    وإن قلت : لِمَ لم يعتمد ابن الوليد والشيخ الصدوق على الروايات التى روى محمّد بن عيسى عن يونس ، مع أنّ الشيخ الكلينيّ اعتمد اعتماداً بالغاً على هذه الأخبار؟
    قلتُ : إنّ روايات محمّد بن عيسى بن عُبَيد عن يونس من الاُمور الأساسيّة التي تبيّن لنا ميزة المدرسة البغداديّة والمدرسة القمّيّة .
    بيان ذلك : أنّه كان للمدرسة البغداديّة التي بدأت من زمن يونس بن عبد الرحمن مميّزات خاصّة ، منها : إنّ أربابها لم يؤمنوا بحجّية خبر الواحد ، وأدخلوا في فهم الأحاديث المباحثَ العقلانيّة ، وكان لهم وجهة اُصوليّة ; وأمّا المدرسة القمّيّة التي بدأت من زمن محمّد بن عيسى الأشعريّ ، فكانت الصبغة الأخبارية غالبة عليها، وكان بين المدرستين اختلافات جذرية.
    ويجدر الإشاره إلى أنّ واضع الحجر الأساس لمدرسة بغداد هو يونس بن عبد الرحمن ، وقام محمّد بن عيسى بن عُبَيد بنقل كتب يونس بن عبد الرحمن ، فالبغداديّون كانوا يعتمدون على تراث يونس الذي وصل إليهم عن طريق محمّد بن عيسى بن عبيد ، ولكنّ القمّيّين كانوا لا يعتمدون على هذا التراث .
    ثمّ لا يخفى أنّ الشيخ الصدوق روى في مواضع متعدّدة عن يونس بغير طريق محمّد بن عيسى بن عُبَيد ( طريق صالح بن سعيد الراشدي ويحيى بن أبي عمران وصفوان بن يحيى)[28640287]
    والوجه في ذلك واضح ; لأنّ كتاب الفقيه كان جميع ما فيه حجّة بين الشيخ الصدوق وبين الله ، بخلاف كتاب الخصال وكتاب الأمالي وكتاب علل الشرائع وغيرها ، فإنّ تلك الكتب من قبيل المصنّفات ، فيها الحديث المقبول وغيره .
    والحاصل ، أنّ استثناء ابن الوليد في روايات رواها محمّد بن عيسى بن عُبَيد عن يونس يرجع في الحقيقة إلى علم الفهرست لا علم الرجال; أي أنّ ابن الوليد كان يستشكل على كتب يونس التي رواها محمّد بن عيسى بن عُبَيد ، وليس معنى ذلك أنّ ابن الوليد كان يضعّف محمّد بن عيسى بن عبيد رجاليّا، ولذلك نجد أنّ الصدوق روى موارد متعدّدة عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد في كتاب من لا يحضره الفقيه، إلاّ أنّ كلّها رويت عن غير يونس .[288]
    هذا يعني أنّه لم يفهم من استثناء اُستاذه تضعيف محمّد بن عيسى بن عُبَيد رجاليّا، بل فهم منه أمراً فهرستيّاً، وهو ضعف كتب يونس بنسخة محمّد بن عيسى بن عُبَيد ، ولذلك لم يروِ في كتاب من لا يحضره الفقيه حتّى رواية واحدة عن كتب يونس بنسخة محمّد بن عيسى بن عُبَيد .
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ ابن الوليد استشكل على محمّد بن عيسى بن عبيد في أمرين، ولكن هذين الإمرين لا يخصّان تضعيف محمّد بن عيسى بن عُبَيد ، بل هما استثناءان في علم الفهرست ، ويشهد على ذلك ما ذكره النجاشيّ من أنّ محمّد بن عيسى بن عُبَيد كان جليلاً، ثقة ، عيناً.
    وثاقة أبي سعيد القمّاط
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بعنوان "أبو سعيد القمّاط" .[289]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "خالد بن سعيد : أبو سعيد القمّاط ، كوفىّ ، ثقة ، روى عن أبي عبد الله(عليه السلام) ، له كتاب أخبرناه ابن شاذان ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن سعد ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سِنان ، عن أبي سعيد بكتابه ".[290]
    وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "أبو سعيد القمّاط".[291]
    وأبو سعيد القمّاط كنيةٌ لخالد بن سعيد ، وكذلك كنية لأخيه صالح الذي أورده النجاشي في رجاله .[292]
    فوقع الكلام في المراد من أبي سعيد القمّاط عند الإطلاق مَن هو ؟
    ذهب السيّد الخوئي إلى أنّ المراد من أبي سعيد القمّاط عند الإطلاق هو خالد بن سعيد .[293294]
    وأفاد المحقّق التستري إلى أنّ الصحيح في المقام أنّ أبا سعيد القمّاط منحصر في خالد بن سعيد ، ووقع هناك سهوٌ من النجاشيّ حيث ذهب إلى أنّ كنية صالح أيضاً أبو سعيد القمّاط.[295]
    ويشهد على كلام المحقّق التستري ما رواه الشيخ الكلينيّ في الكافي حينما قال : "عن إسماعيل بن مهران ، عن أبي سعيد القمّاط وصالح بن سعيد ".[296]
    وثاقة عبد الله بن أبي يعفور
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام)[297298]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "عبد الله بن أبي يعفور العبدي، واسم أبي يعفور واقد، وقيل : وقدان، يُكنّى أبا محمّد، ثقة ثقة، جليل في أصحابنا، كريم على أبي عبد الله(عليه السلام)، ومات في أيّامه، وكان قارئاً يُقرئ في مسجد الكوفة".[299]
    ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام)، تارةً مع وصفه بالعبدي، واُخرى ذكر أنّه كان مولى عبد القيس.[300]
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات الأجلاّء، وعليه فالحديث صحيح.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، وهذه الرواية ذُكرت في كتاب المزار لمحمّد بن الحسن الصفّار وكان من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام من هذه الجهة:
    إذا راجعنا رجال النجاشيّ في ترجمة محمّد بن الحسن الصفّار، وجدنا أنّه ذكر كتاب المزار من جملة كتب الصفّار، ثمّ إنّ الشيخ الطوسيّ روى جميع كتب الصفّار عن طريق جماعة من مشايخه عن الشيخ الصدوق، عن ابن الوليد، عن الصفّار.
    وهذا يعني أنّ ابن الوليد روى كتاب المزار للصفّار أيضاً، إذ نجد في السند رواية ابن قُولَوَيه عن ابن الوليد عن الصفّار.
    ثمّ، إنّ كتاب المزار للصفّار كان عند ابن قُولَوَيه فأخذ منه هذا الحديث وأدرجه في كتابه كامل الزيارات.
    فأصل الحديث كان كوفياً ; لأنّ عبد الله بن أبي يعفور كان من أهل الكوفة، والظاهر أنّه سمع هذا الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) في سفره إلى الحجّ، ثمّ إنّ أبا سعيد القمّاط سمع هذا الحديث من ابن أبي يعفور، وسمعه محمّد بن عيسى البغدادي عن أبي سعيد القمّاط.
    ولمّا سافر محمّد بن الحسن الصفّار إلى بغداد تحمّل كتاب ثواب الأعمال لمحمّد بن عيسى ونقله إلى قمّ، وبعد ذلك ذكر الحديث في كتابه المزار.
    ثمّ إنّ ابن الوليد تحمّل كتاب المزار للصفّار، وسمع ابن قُولَوَيه هذا الكتاب من ابن الوليد.
    فتبيّن أنّ رواية ابن أبي يعفور من أصحّ ما عندنا من الروايات رجاليّاً وفهرستيّاً، فرجال الرواية كلّهم من الأجلاّء، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه كان معتبراً أيضاً.
    تتميم
    إنّ ابن قُولَوَيه روى في المقام حديثان، ونحن نذكرهما تتميماً للفائدة:
    الحديث الأوّل: روى عن جعفر بن محمّد الموسويّ، عن عبد الله بن نَهيك، عن ابن أبي عُمَير، عن هشام بن الحكم، عن عبد الكريم بن حسّان، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) : ما يقال إنّ زيارة قبر أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) تعدل حجّة وعمرة؟ فقال: إنّما الحجّ والعمرة ها هنا، ولو أنّ رجلاً أراد الحجّ ولم يتهيّأ له فأتاه، كتب الله له حجّة، ولو أنّ رجلاً أراد العمرة ولم يتهيّأ له فأتاه، كتب الله له عمرة.[301]
    الحديث الثاني: روى عن يونس، عن الرضا(عليه السلام)، قال: من زار قبر الحسين(عليه السلام) فقد حجّ واعتمر، قال: قلت: يُطرح عنه حجّة الإسلام؟ قال: لا، هي حجّة الضعيف حتّى يقوى ويحجّ إلى بيت الله الحرام، أما علمت أنّ البيت يطوف به كلّ يوم سبعون ألف ملك حتّى إذا أدركهم الليل صعدوا ونزل غيرهم فطافوا بالبيت حتّى الصباح، وإنّ الحسين(عليه السلام) لأكرم على الله من البيت، وإنّه في وقت كلّ صلاة لينزل عليه سبعون ألف ملك شُعثٌ غُبرٌ، لا تقع عليهم النوبة إلى يوم القيامة.[302]




    صحيحة معاوية بن وهب
    روى معاوية بن وهب رواية في فضيلة زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) ولهذه الرواية ثمانية أسانيد:
    السند الأوّل: روى ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله الأشعريّ، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عُمَير، عن معاوية بن وهب.
    السند الثاني: روى الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال عن أبيه، عن سعد بن عبد الله الأشعريّ، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عُمَير، عن معاوية بن وهب.
    السند الثالث: روى ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن موسى بن عمر بن ذُبيان، عن حسّان البصري، عن معاوية بن وهب.
    السند الرابع: روى الشيخ الكلينيّ عن محمّد بن يحيى وغيره، عن محمّد بن أحمد ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب جميعاً، عن موسى بن عمر بن ذُبيان، عن غسّان البصري، عن معاوية بن وهب.
    السند الخامس: روى الشيخ الكلينيّ عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن إبراهيم بن عُقبَة ، عن معاوية بن وهب.
    السند السادس: روى ابن قُولَوَيه عن أبيه وعليّ بن الحسين بن بابويه وجماعة مشايخه، عن أحمد بن إدريس ومحمّد بن يحيى العطّار جميعاً، عن العَمرَكي بن عليّ البُوفَكي، عن يحيى خادم أبي جعفر الثاني(عليه السلام)، عن ابن أبي عُمَير، عن معاوية بن وهب.
    السند السابع: روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد بن سالم، عن عبد الله بن حمّاد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن معاوية بن وهب.
    السند الثامن: روى ابن قُولَوَيه عن أبيه وجماعة من مشايخه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن حمّاد، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ البصري، عن معاوية بن وهب.
    نصّ الرواية: قال معاوية بن وهب: دخلت علي أبي عبد الله(عليه السلام)، وهو في مصلاّه، فجلست حتّى قضى صلاته، فسمعته وهو يناجي ربّه ويقول:
    يا من خصّنا بالكرامة، ووعدنا الشفاعة، وحمّلنا الرسالة، وجعلنا ورثة الأنبياء، وختم بنا الاُمم السالفة، وخصّنا بالوصية، وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي، وجعل أفئدة من الناس تهوى إلينا، اغفر لي ولإخواني وزوّار قبر أبي الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما، الذين أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم رغبةً في برّنا، ورجاءً لما عندك في صلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيّك محمّد(صلى الله عليه وآله)، وإجابةً منهم لأمرنا، وغيظاً أدخلوه على عدوّنا، أرادوا بذلك رضوانك. فكافِهِم عنّا بالرضوان، واكلأهم بالليل والنهار، واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خُلِّفوا بأحسن الخَلَف، واصحبهم واكفهم شرّ كلّ جبّار عنيد، وكلّ ضعيف من خلقك أو شديد، وشرّ شياطين الإنس والجنّ، وأعطهم أفضل ما أمّلوا منك في غربتهم عن أوطانهم، وما آثرونا على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم.
    اللّهمّ إنّ أعداءنا عابوا عليهم خروجهم، فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا خلافاً عليهم، فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تُقلّبُ على قبر أبي عبد الله(عليه السلام)، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها
    رحمةً لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا، اللّهمّ إنّي أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتّى ترويهم من الحوض يوم العطش.
    فما زال صلوات الله عليه يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد، فلمّا انصرف قلت له: جُعلت فداك، لو أنّ هذا الذي سمعته منك كان لمن لا يعرف الله، لظننت أنّ النار لا تطعم منه شيئاً أبداً، والله لقد تمنّيت أنّي كنت زرته ولم أحجّ.
    فقال لي: ما أقربك منه! فما الذي يمنعك من زيارته؟ يا معاوية لا تدع ذلك.
    قلت: جُعلت فداك، فلم أدر أنّ الأمر يبلغ هذا كلّه.
    فقال:
    يا معاوية، ومن يدعو لزوّاره في السماء أكثر ممّن يدعو لهم في الأرض، لا تدعه لخوف من أحد، فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنّى أنّ قبره كان بيده[303304]
    وذكرها ابن المشهديّ، والعلاّمة المجلسيّ، والحرّ العامليّ، والمحدّث النوري.[305]
    والآن نبدا بتحقيق الرواية بأسانيدها الثمانية، فنقول :
    تحقيق السند الأوّل
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله الأشعريّ، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عُمَير، عن معاوية بن وهب.
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال السند، وبقي الكلام في وثاقة يعقوب بن يزيد ومعاوية بن وهب:
    وثاقة يعقوب بن يزيد الأنباري
    عدّه البرقيّ في رجاله تارةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بعنوان "يعقوب بن يزيد الكاتب" ، واُخرى في أصحاب الهادي(عليه السلام).[306]
    وذكر الكشّيّ أنّه كان كاتباً لأبي دُلَف القاسم.[307]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "يعقوب بن يزيد بن حمّاد الأنباري السُّلَمي: أبو يوسف... وكان ثقة ، صدوقاً ".[308]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "يعقوب بن يزيد الكاتب الأنباري : كثير الرواية ، ثقة ".[309]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "يعقوب بن يزيد الكاتب ، يزيد أبوه ، ثقتان ".
    واُخرى في أصحاب الهادي(عليه السلام) قائلاً : "يعقوب بن يزيد الكاتب: ثقة ".[310]
    وثاقة معاوية بن وهب
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "معاوية بن وهب البَجَلي : كوفي ، عربي ، وكان معاوية يُكنّى أبا القاسم ".[311]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "معاوية بن وهب البَجَلي : أبو الحسن ، عربي ، صميمي ، ثقة ، حسن الطريقة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن(عليهما السلام) ".[312]
    وذكره الشيخ في فهرسته[313]
    وذكره في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "معاوية بن وهب البَجَلي الكوفي : أبو الحسن ".[314]
    فتحصّل أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات الأجلاّء، فالحديث صحيح أعلائي.
    تحقيق السند الثاني
    ذكرنا إسناد الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سعد بن عبد الله الأشعريّ، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عُمَير، عن معاوية بن وهب.
    وقد تعرّضنا لوثاقة جميع رجال هذا السند، وعليه فالحديث صحيح أعلائي.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، وهذه الرواية ذُكرت في كتاب معاوية بن وهب وكان من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام من هذه الجهة:
    إذا راجعنا رجال النجاشيّ وجدنا أنّه ذكر في ترجمة معاوية بن وهب أنّ له كتباً، وروى بإسناده عن الحِميَري، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عُمَير، عن معاوية بن وهب. والظاهر أنّه لمّا سافر معاوية إلى المدينة سمع هذا الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام)، ولمّا رجع إلى الكوفة ذكره في كتابه.
    ثمّ إنّ ابن أبي عُمَير قام بتحمّل هذا الكتاب، فاستنسخ منه نسخة، وبذلك دخل الكتاب في بغداد. ثمّ قام يعقوب بن يزيد بتحمّل هذه النسخة، ولمّا سافر سعد بن عبد الله القمّيّ إلى العراق لطلب الحديث، تحمّله من يعقوب بن يزيد، ونقله إلى مدينة قمّ.
    ومن ثمّ سمع كلّ من والد صاحب كامل الزيارات ووالد الشيخ الصدوق هذا الكتاب من سعد بن عبد الله ولمّا وصل الأمر إلى صاحب كامل الزيارات أخذه من كتاب معاوية بن وهب، وقد كان وصل إليه بطريق صحيح.
    وكان كتاب معاوية بن وهب عند الشيخ الصدوق أن يكتب كتابه علل الشرائع بطريق صحيح، فأخذ منه الحديث وأدرجه في كتابه.
    فكتاب معاوية بن وهب كان عند ابن قُولَوَيه والشيخ الصدوق، وأنّهما قاما بذكر هذا الحديث منه.
    فتبيّن هنا أنّ رواية معاوية بن وهب من أصحّ ما عندنا من الروايات رجاليّاً وفهرستياً، فرجال الرواية كلّهم من الأجلاّء، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه هذه الرواية كان معتبراً أيضاً.


    تحقيق السند الثالث
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن موسى بن عمر بن
    ذُبيان، عن حسّان البصري، عن معاوية بن وهب.
    وهذا السند ضعيف بجهالة حسّان البصري; إذ ليس له ذكر في كتب الرجال.[315]
    والظاهر أنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر لموسى بن عمر بن ذُبيان، فإنّا إذا راجعنا رجال النجاشيّ وجدنا أنّه ذكر لموسى بن عمر بن ذُبيان كتاب نوادر، مسنداً عن سعد بن عبد الله، عن موسى بن عمر بن ذُبيان.[316]
    هذا يعنى أنّ سعد بن عبد الله الأشعريّ روى كتاب النوادر لموسى بن عمر بن ذُبيان، ومن ثمّ قام بنقله إلى قمّ. ثمّ إنّ والد صاحب كامل الزيارات تحمّله من سعد بن عبد الله، ورواه لولده، فلمّا أراد ابن قُولَوَيه أن يكتب كتابه كامل الزيارات أخذ هذا الحديث من نوادر موسى بن عمر بن ذُبيان وذكره في كتابه كامل الزيارات.
    ولم يذكر ابن قُولَوَيه من هذا الطريق صدر الرواية، بل نقل ذيلها، من قوله : "يا معاوية، لا تدع زيارة الحسين لخوف...".
    تحقيق السند الرابع
    ذكرنا إسناد الشيخ الكلينيّ عن محمّد بن يحيى وغيره، عن محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعريّ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب جميعاً، عن موسى بن عمر بن ذُبيان، عن غسّان البصري، عن معاوية بن وهب.
    وهذا السند ضعيف بجهالة غسّان البصري ; إذ ليس له ذكر في كتب الرجال.
    والظاهر أنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر لموسى بن عمر بن ذُبيان ; لأنّا
    ذكرنا أنّ النجاشيّ ذكر لموسى بن عمر بن ذُبيان كتاب النوادر.
    فروى محمّد بن أحمد بن يحيى (صاحب نوادر الحكمة) ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب كتاب موسى بن عمر بن ذُبيان، كما أنّ سعد بن عبد الله الأشعريّ رواه على ما صرّح بذلك النجاشيّ في رجاله.[317]
    وذكرنا أنّه لم يذكر صدر الرواية في نسخة سعد من كتاب موسى بن عمر بن ذُبيان، ولذلك قام الشيخ الكلينيّ بإخراج الحديث من نسخة محمّد بن أحمد بن يحيى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ; لأنّه ذكر في هاتين النسختين تمام الرواية.
    ثمّ وصل كتاب موسى بن عمر بن ذُبيان إلى الكلينيّ عن طريق محمّد بن يحيى العطّار.
    وكيف كان، لمّا أراد الشيخ الكلينيّ أن يكتب كتابه الكافي أخذ هذا الحديث من كتاب النوادر لموسى بن عمر بن ذُبيان وذكره في كتابه.
    تحقيق السند الخامس
    ذكرنا إسناد الشيخ الكلينيّ عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن إبراهيم بن عُقبَة، عن معاوية بن وهب.
    وهذا السند ضعيف بجهالة إبراهيم بن عُقبَة ; إذ ليس له ذكر في كتب الرجال، كما أنّ الرواية مرسلة.
    والظاهر أنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر، فإنّ النجاشيّ صرّح بأنّ لإبراهيم بن هاشم كتاب النوادر، ورواه ابنه عليّ عنه،[318]
    تحقيق السند السادس
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن أبيه وعليّ بن الحسين بن بابويه وجماعة مشايخه، عن أحمد بن إدريس ومحمّد بن يحيى العطّار جميعاً، عن العَمرَكي بن عليّ البُوفَكي، عن يحيى خادم أبي جعفر الثاني(عليه السلام)، عن ابن أبي عُمَير، عن معاوية بن وهب.
    وهذه الرواية ضعيفة بجهالة يحيى خادم الرضا(عليه السلام) ; إذ ليس له ذكر في كتب الرجال.
    والظاهر أنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر للعَمرَكي البُوفَكي، فإنّا إذا راجعنا رجال النجاشيّ، وجدنا أنّه ذكر أنّ للعَمرَكي البُوفَكي كتاب النوادر[319]
    وكيف كان، أنّ كتاب النوادر للبُوفَكي كان عند ابن قولويه لمّا أراد أن يكتب كتابه كامل الزيارات ووصل إليه عن طريق جماعة من مشايخه.
    تحقيق السند السابع
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد بن سالم، عن عبد الله بن حمّاد، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ البصري، عن معاوية بن وهب.
    وهذا السند ضعيف بجهالة عليّ بن محمّد بن سالم وعبد الله بن حمّاد البصري،
    كما أنّ النجاشيّ وابن الغضائري ضعّفا عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ.[320]
    ثمّ إنّا إذا راجعنا إلى رجال النجاشيّ وجدنا أنّه ذكر لعبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ البصري كتاب المزار[321322]
    فالظاهر أنّ هذا الكتاب وصل إلى ابن قُولَوَيه وقام بإخراج الحديث منه.
    تحقيق السند الثامن
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن أبيه وجماعة من مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن
    أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن حمّاد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ البصري، عن معاوية بن وهب.
    وهذا السند ضعيف بجهالة عبد الله بن حمّاد البصري، وقلنا أنّ النجاشيّ وابن الغضائري ضعّفا عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ.[323]
    والظاهر أنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب المزار لسعد بن عبد الله الأشعريّ، فإنّ النجاشي ذكر كتاب المزار في عداد كتب سعد بن عبد الله الأشعريّ، ورواه عن طريق الشيخ المفيد وغيره عن جعفر بن محمّد بن قُولَوَيه، عن أبيه وأخيه، عن سعد.[324]
    وكتاب المزار لسعد كان عند ابن قُولَوَيه، وأنّه قام بإخراج الحديث منه.[325]
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا صحّة السند الأوّل والثاني من مجموع الأسانيد الثمانية للرواية، وأنّ هذه الرواية ذُكرت في مصادر مختلفة من مصادر أصحابنا.
    تتميم
    ذُكر في صحيحة معاوية بن وهب أنّ ملائكة السماء يدعون لزوّار الحسين(عليه السلام)، ونذكر فيما يلي الأحاديث التي رواها ابن قُولَوَيه وتؤيّد هذا المعنى:
    الحديث الأوّل: روى عن أبيه ومحمّد بن الحسن بن الوليد وعليّ بن الحسين بن بابويه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام) : وكّل الله تبارك وتعالى بالحسين(عليه السلام) سبعين ألف ملك يصلّون عليه كلّ يوم شُعثاً غُبراً، ويدعون لمن زاره، ويقولون: يا ربّ هؤلاء زوّار الحسين، افعل بهم وافعل بهم.[326]
    الحديث الثاني: روى عن حكيم بن داود، عن سَلَمة، عن موسى بن عمر، عن حسّان البصري، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: لا تدع زيارة الحسين(عليه السلام)، أما تحبّ أن تكون فيمن تدعو له الملائكة؟[327]
    الحديث الثالث: روى عن محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، نحوه.[328]
    الحديث الرابع: روى عن محمّد الحِميَري، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبد الله بن حمّاد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ، عن عبد الله بن بُكَير في حديث طويل، عن أبي عبد الله(عليه السلام) : ما من صباح إلاّ وعلى قبره هاتف من الملائكة ينادي: يا طالب الخير أقبل إلى خالصة الله ترحل بالكرامة وتأمن الندامة، يسمع أهل المشرق وأهل المغرب إلاّ الثقلين، ولا يبقي في الأرض ملك من الحفظة إلاّ عطف عليه عند رقاد العبد حتّى يسبّح الله عنده، ويسأل الله الرضا عنه، ولا يبقى ملك في الهواء يسمع الصوت إلاّ أجاب بالتقديس لله تعالى، فتشتدّ أصوات الملائكة، فيجيبهم أهل السماء الدنيا، فتشتدّ أصوات الملائكة وأهل السماء الدنيا حتّى تبلغ أهل السماء السابعة، فيسمع أصواتهم النبيّون، فيترحّمون ويصلّون على الحسين(عليه السلام) ويدعون لمن زاره.[329]


    صحيحة زيد الشحّام
    روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن أبيه عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن يعقوب بن يزيد الأنباري، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله(عليه السلام) :
    من زار قبر الحسبن بن عليّ(عليهما السلام) يوم عاشوراء عارفاً بحقّه، كان كمن زار الله في عرشه.[330]
    رواها الشيخ الطوسيّ بإسناده عن ابن قُولَوَيه، وذكرها الشيخ المفيد وابن المشهديّ في مزاريهما، وكذا العلاّمة المجلسيّ، والحرّ العامليّ، والمحدّث النوري.[331]
    وقبل الدخول في تحقيق سند الحديث نذكر كلام الشيخ الصدوق، حيث قال في معنى الحديث: "إنّ معنى قوله(عليه السلام) : "كان كمن زار الله في عرشه" ليس بتشبيه، والملائكة تزور العرش وتلوذ به وتطوف حوله وتقول: "نزور الله في عرشه"، كما نقول: "نحجّ بيت الله ونزور الله"; لأنّ الله تعالى ليس بموصوف بمكان، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً".[332]
    ونقل الشيخ الطوسيّ من اُستاذه أنّه قال في معنى الحديث: "معنى قول الصادق(عليه السلام) : "كمن زار الله فوق عرشه": إنّ للزائر من المثوبة والأجر العظيم والتبجيل في يوم القيامة، كمن رفعه الله إلى سمائه وأدناه من عرشه الذي تحمله الملائكة، وأراه من خاصّة ملائكته ما يكون به توكيد كرامته، وليس على ما تظنّه العامّة من مقتضى التشبيه".[333]
    ولقد ذكرنا وثاقة رجال السند، وبقي الكلام في وثاقة زيد الشحّام:
    وثاقة زيد الشحّام
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "أبو اُسامة : زيد الشحّام ، كوفىّ ، مولى الأزد ".[334]
    وذكر الكشّيّ مدحه.[335]
    وأورده النجاشيّ في رجاله بعنوان "زيد بن يونس : أبو اُسامة ، الشحّام" ، وذكر أنّ له كتاباً يرويه جماعة.[336]
    وذكره الشيخ الطوسيّ في فهرسته قائلاً: "زيد الشحّام : يُكنّى أبا اُسامة ، ثقة ".[337]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الباقر(عليه السلام) قائلاً : "زيد بن محمّد بن يونس : أبو اُسامة ، الشحّام ، الكوفي ".
    واُخرى في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "زيد بن يونس : أبو اُسامة ، الأزدي ،
    مولاهم ، الشحّام ، الكوفي ".[338]
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات الأجلاّء، وعلى هذا فالحديث صحيح أعلائي.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، وهذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر ليعقوب بن يزيد الأنباري وكان من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام من هذه الجهة:
    إذا راجعنا ترجمة يعقوب بن يزيد في فهرست الطوسيّ، وجدنا أنّه ذكر ليعقوب بن يزيد كتاب النوادر، ورواه عن طريق ابن أبي جيد عن ابن الوليد، عن الحِميَري، عن يعقوب بن يزيد، ومعنى ذلك أنّ الحِميَريّ روى نسخة من كتاب النوادر ليعقوب بن يزيد.
    فزيد الشحّام الكوفي سمع هذا الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام)، وبعد ذلك سمع منه ابن أبي عُمَير، ثمّ إنّ يعقوب بن يزيد الأنباري سمع هذا الحديث من ابن أبي عُمَير وذكره في كتابه النوادر، ولمّا سافر الحميري اّلى العراق تحمّل هذا الكتاب من يعقوب بن يزيد ونقله إلى مدينة قمّ، وبعد ذلك تحمّله محمّد بن الحِميَريّ من والده، وتحمّله ابن قُولَوَيه منه ولمّا أراد ابن قولويه أن يكتب كتاب كامل الزيارات أخذ هذا الحديث من كتاب النوادر ليعقوب بن يزيد وأدرجه في كتابه.
    فتبيّن أنّ رواية زيد الشحّام من أصحّ ما عندنا من الروايات رجاليّاً وفهرستياً، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه كان معتبراً أيضاً.
    تتميم
    ذُكر في صحيحة زيد الشحّام أنّ من زار الإمام الحسين في يوم عاشوراء كان كمن زار الله في عرشه، وهذا المعنى ورد في أحاديث اُخرى، غير أنّه ليس فيها تقييد بيوم عاشوراء، نذكرها هنا تتميماً للفائدة:
    الحديث الأوّل: روى ابن قُولَوَيه عن أبيه وعليّ بن الحسين بن بابَوَيه وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزِيع، عن صالح بن عُقبَة، عن زيد الشحّام، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) : ما لمن زار قبر الحسين(عليه السلام)؟ قال: كان كمن زار الله في عرشه.[339]
    الحديث الثاني: روى الشيخ الكلينيّ عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّدبن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقبَة، عن زيد الشحّام، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام) : ما لمن زار رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ قال: كمن زار الله عزّ وجلّ فوق عرشه؟ قال: قلت: فما لمن زار أحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول الله(صلى الله عليه وآله).[340]
    الحديث الثالث: روى ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزِيع، عن الخيبري، عن الحسين بن محمّد القمّيّ، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) : من زار قبر أبي عبد الله(عليه السلام)بشطّ الفرات، كان كمن زار الله فوق عرشه.[341]
    الحديث الرابع: روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزِيع، عن الخيبري، عن
    الحسين بن محمّد القمّيّ ، قال: قال لي الرضا(عليه السلام) : من زار قبر أبي ببغداد، كان كمن زار رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين، إلاّ أنّ لرسول الله وأمير المؤمنين فضلهما. قال: ثمّ قال لي: من زار قبر أبي عبد الله بشطّ الفرات، كان كمن زار الله فوق كرسيّه.[342]
    الحديث الخامس: روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن بن شَمّون البصري، عن محمّد بن سِنان، عن بشير الدهّان، قال: كنتُ أحجّ في كلّ سنة، فأبطأت سنة عن الحجّ، فلمّا كان من قابل حججت ودخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)، فقال لي: يا بشير، ما أبطأك عن الحجّ في عامنا الماضي؟ قال: قلت: جُعلت فداك، مال كان لي على الناس خفت ذهابه، غير أنّي عرفت عند قبر الحسين(عليه السلام)، قال: فقال لي: ما فاتك شيء ممّا كان فيه أهل الموقف، يا بشير مَن زار قبر الحسين(عليه السلام) عارفاً بحقّه، كان كمن زار الله في عرشه.[343]
    الحديث السادس: روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن بن شَمّون، عن جعفر بن محمّد الخُزَاعي، عن بعض أصحابه، عن جابر، عن أبي عبد الله(عليه السلام) مثله.[344]
    الحديث السابع: روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزِيع، عن عمّه، عن رجل، عن جابر نحوه.[345]
    الحديث الثامن: روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن ابن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخيبري، عن الحسين بن محمّد القمّيّ، عن الرضا(عليه السلام)، قال: من زار قبر الحسين(عليه السلام) بشطّ فرات، كان كمن زار الله فوق عرشه.[346]



    صحيحة أبي خديجة
    روى ابن قُولَوَيه هذه الرواية بأربعه أسانيد:
    السند الأوّل: روى عن أبيه وجماعة من أصحابنا، عن سعد بن عبد الله الأشعريّ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة.
    السند الثاني: روى عن ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة.
    السند الثالث: روى عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي جَهم، عن أبي خديجة.
    السند الرابع: روى عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البزّاز، عن أبى خديجة.
    نصّ الرواية : روى أبو خديجة، عن أبي عبد الله(عليه السلام): قال: سألته، عن زيارة قبر الحسين(عليه السلام)؟ قال:
    إنّه أفضل ما يكون من الأعمال.[347]
    وذكرها العلاّمة المجلسيّ، والحرّ العامليّ.[348]
    والآن نبدأ بالتحقيق في هذه الرواية بأسانيدها الأربعة، فنقول:
    تحقيق السند الأوّل
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن أبيه وجماعة من أصحابنا، عن سعد بن عبد الله الأشعريّ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة.
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال السند، وبقي الكلام في وثاقة الحسن بن عليّ الوشّاء، وأحمد بن عائذ، وأبي خديجة:
    وثاقة الحسن بن عليّ الوشّاء
    عدّه البرقيّ في رجاله تارةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "أبو محمّد الحسن بن عليّ الوشّاء بن زياد : ابن بنت إلياس ".
    واُخرى في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "الحسن بن عليّ الوشّاء : يُلقّب بربيع ".[349]
    وأورده النجاشيّ في رجاله بعنوان "الحسن بن عليّ بن زياد الوشّاء" ، وذكر أنّه كان من وجوه هذه الطائفة .[350]
    وذكره الشيخ في فهرسته[351]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلا : "الحسن بن عليّ الخزّاز : ويُعرف بالوشّاء ، وهو ابن بنت إلياس ، يُكنّى أبا محمّد ، وكان يدّعي أنّه عربىّ كوفىّ ، له كتاب ".
    واُخرى في أصحاب الهادي(عليه السلام) بعنوان "الحسن بن عليّ الوشّاء" .[352]
    وثاقة أحمد بن عائذ
    أورده النجاشيّ في رجاله مع وصفه بالبَجَلي ووثّقه، وذكر أنّه صحب أبا خديجة سالم بن مُكرَم وأخذ عنه.[353]
    وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً: "أحمد بن عائذ بن حبيب العبسيّ الكوفيّ، أبو عليّ، اُسند عنه".[354]
    وثاقة أبي خديجة
    عدّه البرقيّ في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "سالم ، أبو خديجة : صاحب الغنم ، ويُكنّى أيضاً أبا سَلَمة ، ابن مُكرَم ".
    واُخرى بعنوان "سالم بن مُكرَم" ،[355356]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً : "سالم بن مُكرَم بن عبد الله : أبو خديجة، ويقال : أبو سَلَمة الكُنَاسي ، يقال : صاحب الغنم ، مولى بني أسد ، الجمّال ، يقال : كُنيته كانت أبا خديجة، وأنّ أبا عبد الله(عليه السلام) كنّاه أبا سلمة ، ثقة ثقة ".[357]
    وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "سالم بن مُكرَم : أبو خديجة الجمّال ، الكوفي ، مولى بني أسد ".[358]
    فتبيّن ممّا ذكرنا أنّ جميع رجال هذه الرواية ثقة، وعليه فالحديث صحيح أعلائي.
    تحقيق السند الثاني
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن
    محمّد بن عيسى، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة.
    وقد تقدّم الكلام في وثاقة جميع رجال هذا السند، فالحديث بسنده الثاني أيضاً صحيح أعلائي.
    وسبق منّا الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، وكانت هذه الرواية بسندها الأوّل والثاني مذكورة في كتاب أبي خديجة.
    بيان ذلك: إذا راجعنا فهرست الطوسيّ في ترجمة أبي خديجة، نجد أنّ الشيخ صرّح بأنّ له كتاباً ورواه عن طريق جماعة من أصحابنا، عن الشيخ الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة.
    كما نجد أنّ ابن قُولَوَيه روى أيضاً عن أبيه بنفس الطريق عن أبي خديجة، ومعنى ذلك أنّ هذه الرواية كانت مذكورة في كتاب أبي خديجة.
    ففي الواقع أنّ أبا خديجة لمّا سمع هذا الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) أدرجه
    في كتابه، وتحمّل تلميذه أحمد بن عائذ هذا الكتاب، وتحمّله الوشّاء عنه، ولمّا خرج أحمد بن محمّد بن عيسى من مدينة قمّ إلى الكوفة لطلب الحديث، تحمّله من الحسن بن عليّ الوشّاء ونقله إلى قمّ، ثمّ تحمّله سعد بن عبد الله (كما ترى في السند الأوّل) ومحمّد بن الحسن الصفّار (كما ترى في السند الثاني).[359]
    فكتاب أبي خديجة كان عند ابن قُولَوَيه، وأنّه قام بإخراج الحديث منه.
    تحقيق السند الثالث
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ، عن أبي جَهم ـ هارون بن الجَهم ـ ، عن أبي خديجة.
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال السند، وبقي الكلام في وثاقة هارون بن الجَهم .
    وثاقة هارون بن الجَهم
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) بعنوان "هارون بن الجَهم بن ثُوَير بن أبي فاخِتَة" .[360]
    وأورده النجاشيّ في رجاله ووثّقه[361]
    وذكره الشيخ في فهرسته، [362363]
    فالحديث بسنده الثالث أيضاً صحيح أعلائي.
    تحقيق السند الرابع
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البزّاز، عن أبي خديجة.
    وقلنا أنّه ليس لمحمّد بن جعفر الرزّار توثيق صريح، غير أنّه كان من مشايخ ابن قُولَوَيه، واذا قلنا بوثاقة مشايخ ابن قُولَوَيه فهو ثقة، والعكس بالعكس.
    وأمّا عبد الرحمن بن أبي هاشم البزّاز فقد ذكر النجاشيّ أنّه كان جليلاً من أصحابنا ووثّقه مرّتين.[364]
    والظاهر أنّ الرواية كانت مذكورة في كتاب النوادر لمحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب.
    بيان ذلك: إذا راجعنا فهرست الطوسيّ في ترجمة محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، وجدنا أنّه ذكر أنّ له كتاب النوادر[365]
    فتبيّن من جميع ما ذكرنا أنّ هذه الرواية بسندها الأوّل والثاني والثالث صحيحة، كما أنّها كانت مذكورة في مصدرين من المصادر الأُولى: كتاب أبي خديجة، وكتاب النوادر لمحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب.
    تتميم : موثقة إسحاق بن عمّار
    روى إسحاق بن عمّار رواية في فضيلة زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)، نذكرها تتميماً للفائدة، ويجدر بنا قبل ذلك أن نذكر أنّ لهذه الرواية ثلاثة أسانيد:
    السند الأوّل: روى الشيخ الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه بإسناده عن إسحاق بن عمّار.
    السند الثاني: روى الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن الحِميَري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار.
    السند الثالث: روى ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات عن الحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار.
    نصّ الرواية : قال إسحاق بن عمّار: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول:
    "موضع قبر الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما منذ دُفن فيه، روضة من رياض الجنّة".
    وقال(عليه السلام): "موضع قبر الحسين ترعة من ترع الجنّة".[366]
    وذكرها العلاّمة المجلسيّ، والحرّ العامليّ، والمحدّث النوري.[367]
    والآن نبدأ بالتحقيق في هذه الرواية بأسانيدها الثلاثة، فنقول:
    تحقيق السند الأوّل
    ذكرنا إسناد الشيخ الصدوق بإسناده عن إسحاق بن عمّار، وإذا راجعنا مشيخة كتاب من لا يحضره الفقيه وجدنا أنّه قال: "ما كان فيه عن إسحاق بن عمّار فقد رويته عن أبي، عن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن عليّ بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار".[368]
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال السند، وبقي الكلام في توثيق عليّ بن إسماعيل، وصفوان بن يحيى، وإسحاق بن عمّار:
    وثاقة عليّ بن إسماعيل
    وثّقه الكشّيّ في رجاله قائلاً: "عليّ بن إسماعيل: ثقة، هو عليّ بن السندي، لقّب إسماعيل بالسدّي".[369]
    وثاقة صفوان بن يحيى
    عدّه البرقيّ في رجاله تارةً في أصحاب الرضا(عليه السلام) بعنوان "صفوان بن يحيى" ، واُخرى في أصحاب الجواد(عليه السلام) قائلاً : "صفوان بن يحيى : بيّاع السابِرِي ، مولى بَجِيلة ، كوفيّ ".[370]
    وذكر الكشّيّ في شأنه مدائح عظيمة، وكذلك ذكر ذمّه، وعدّه ممّن أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عنهم.[371]
    وأورده النجاشيّ في رجاله مع وصفه بالبَجَلي ، وذكر أنّه كان بيّاع السابِرِي ، ووثّقه مرّتين ، وذكر أنّه كانت له منزلة شريفة عند الرضا(عليه السلام) ، وأنّه صنّف ثلاثين كتاباً .[372]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "صفوان بن يحيى : مولى بَجِيلة ، يُكنّى أبا محمّد ، بيّاع السابِرِي ، أوثق أهل زمانه عند أصحاب الحديث وأعبدهم ... وروى عن أبي الحسن الرضا وأبي جعفر(عليهما السلام) ".[373]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "صفوان بن يحيى : وكيل الرضا(عليه السلام) ، ثقة ".
    واُخرى في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "صفوان بن يحيى البَجَلي : بيّاع السابِرِي ، مولى ، ثقة ، وكيله(عليه السلام) ، كوفيّ ".
    وثالثةً في أصحاب الجواد(عليه السلام) قائلاً : "صفوان بن يحيى البَجَلي : بيّاع السابِرِي ".[374]
    وثاقة إسحاق بن عمّار
    عدّه البرقيّ في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "إسحاق بن عمّار الصيرفي : مولى بني تغلب ، كوفيّ ".
    واُخرى في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بنفس العنوان .[375]
    وذكر الكشّيّ مدحه بعنوان "إسحاق بن عمّار".[376]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "إسحاق بن عمّار بن حيّان : مولى بني تغلب ، أبو يعقوب ، الصيرفي ، شيخ من أصحابنا ، ثقة ".[377]
    ذكره الشيخ في فهرسته بعنوان "إسحاق بن عمّار الساباطي"، وقال: "وكان فطحيّاً، إلاّ أنّه ثقة".[378]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "إسحاق بن عمّار : الكوفي ، الصيرفي ".
    واُخرى في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "إسحاق بن عمّار : ثقة ثقة ، له كتاب ".[379]
    ثمّ وقع الكلام في أنّ إسحاق بن عمّار الصيرفي متّحد مع إسحاق بن عمّار الساباطي أم لا ؟
    تعرّض الشيخ في فهرسته لإسحاق بن عمّار الساباطي وذكر أنّه كان فطحياً ، وتعرّض النجاشيّ في رجاله لإسحاق بن عمّار بن حيّان وذكر أنّه كان شيخ أصحابنا.[380]
    وظاهر كلام العلاّمة وابن داود الاتّحاد بين العنوانين[381382]
    ويشهد على الوحدة اقتصار البرقيّ في رجاله على عنوان إسحاق بن عمّار الصيرفي ، كما أنّ الشيخ في رجاله لم يتعرّض للساباطي .
    ثمّ بعد الاعتماد على اتّحاد العنوانين، فوقع الكلام في أنّ إسحاق بن عمّار كان فطحياً أم لا؟
    وقد عرفت أنّ الشيخ الطوسيّ انفرد في نسبة الفطحية إلى إسحاق بن عمّار، وكلامه يخالف ما ذكره النجاشيّ كما عرفت، مصرّحاً بأنّ إسحاق بن عمّار كان شيخ أصحابنا.
    ونحن نميل إلى مختار النجاشي . وعليه فالرواية صحيحة، ولكن إن أبيت ذلك وذهبت إلى قول الشيخ الطوسيّ، فالرواية موثّقة.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، وكانت هذه الرواية مذكورة في كتاب النوادر لإسحاق بن عمّار.
    بيان ذلك: إذا راجعنا رجال النجاشيّ في ترجمة إسحاق بن عمّار، وجدنا أنّه ذكر: "له كتاب نوادر، يرويه عنه عدّة من أصحابنا"[383]
    ونجد في هذا السند أنّ صفوان يروي عن إسحاق بن عمّار، فمن المحتمل أن يكون عند صفوان نسخة من كتاب النوادر لإسحاق بن عمّار، ومن ثمّ فقد وصلت هذه النسخة إلى الشيخ الصدوق، وأنّه لمّا أراد أن يكتب كتاب من لا يحضره الفقيه، أخذ الحديث من نوادر إسحاق بن عمّار وذكره فيه.
    تحقيق السند الثاني
    ذكرنا إسناد الشيخ الصدوق عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن الحِميَري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار.
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال السند، وبقي الكلام في وثاقة محمّد بن موسى المتوكّل، والحسن بن محبوب:
    وثاقة محمّد بن موسى المتوكّل
    ذكره الشيخ الطوسيّ في رجاله قائلاً: "محمّد بن موسى بن المتوكّل: روى عن عبد الله بن جعفر الحِميَري، روى عنه ابن بابويه".[384]
    ووثّقه ابن داود في رجاله قائلاً: "محمّد بن موسى المتوكّل: ثقة".[385]
    وكذا العلاّمة وثّقه في خلاصة الأقوال[386]
    وترحّم عليه الشيخ الصدوق في أكثر من 120 موضعاً.[387]
    ثمّ إنّ الشيخ الصدوق أكثر الرواية عنه، فقد ورد في مشيخة كتاب من لا يحضره الفقيه وأنّه روى أكثر من أربعين موضعاً عن هذا الشيخ.[388]
    فالحق أنّ محمّد بن موسى المتوكّل ذو شأن عظيم في نقل التراث الحديثيّ إلى الشيخ الصدوق.
    كما أنّ السيّد ابن طاوس قال عند ذكر رواية في طريقها محمّد بن موسى المتوكّل: "ورواة الحديث ثقات بالاتّفاق".[389]
    وقال السيّد الخوئي عند تعرّضه لطريق الشيخ الصدوق إلى إسماعيل بن مهران: "والطريق صحيح، فإنّ محمّد بن موسى المتوكّل ثقة بالاتّفاق".[390]
    وثاقة الحسن بن محبوب
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الكاظم(عليه السلام)، تارةً مع وصفه بالسرّاد ، واُخرى مع وصفه بالزرّاد .[391]
    ومدحه الكشّيّ ، وعدّه ممّن أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عنهم.[392]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "الحسن بن محبوب السرّاد، ويقال له : الزرّاد ، ويُكنّى أبا عليّ ، مولى بَجِيلة ، كوفيّ ، ثقة ، روى عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) ، وروى عن ستّين رجلا من أصحاب أبي عبد الله(عليه السلام) ، ويعدّ في الأركان الأربعة في عصره ".[393]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام)، واُخرى في أصحاب الرضا(عليه السلام)قائلاً : "الحسن بن محبوب السرّاد : مولىً لبَجِيلة ، كوفيّ ، ثقة ".[394]
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات، وعليه فالرواية بسندها الثاني صحيحة.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، وهذه الرواية بسندها الثاني والثالث ذُكرت في كتاب النوادر للحسن بن محبوب وكان من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام من هذه الجهة:
    إذا راجعنا ترجمة الحسن بن محبوب في فهرست الطوسيّ، وجدنا أنّه ذكر للحسن بن محبوب كتاب النوادر، كما ويستفاد من كلام الشيخ أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى روى كتب الحسن بن محبوب.
    فإسحاق بن عمّار سمع هذا الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام)، وبعد ذلك رواه للحسن بن محبوب، ولمّا أراد الحسن بن محبوب أن يكتب كتابه النوادر ذكره في كتابه.
    وكتاب النوادر للحسن بن محبوب اُلّف في الكوفة، ولمّا سافر أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ إليها لطلب الحديث، لقي هناك الحسن بن محبوب وتحمّل هذا الكتاب ونقله إلى قمّ، وبعد ذلك تحمّله الحِميَريّ من أحمد بن محمّد بن عيسى، ثمّ إنّ محمّد بن موسى بن المتوكّل تحمّله من الحِميَريّ ونقله إلى الشيخ الصدوق.
    والحاصل، أنّه كانت عند الشيخ الصدوق نسخة من كتاب النوادر للحسن بن محبوب بطريق صحيح، وأنّه لمّا أراد أن يكتب كتابه ثواب الأعمال ذكر هذا الحديث من نوادر الحسن بن محبوب.
    تحقيق السند الثالث
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن الحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار.
    أمّا الحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى (هو ابن أخي أحمد بن محمّد بن عيسى الشعري) فليس له توثيق صريح، نعم هو من مشايخ ابن قُولَوَيه، فإن أثبتنا وثاقة مشايخه ثبتت وثاقته، والعكس بالعكس.
    وكذلك عبد الله بن محمّد بن عيسى المعروف ببُنان أيضاً ليس له توثيق صريح.
    ولقد ذكرنا سابقاً أنّ كتاب النوادر للحسن بن محبوب، وصل إلى ابن قُولَوَيه عن طريق الحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه عبد الله بن محمّد بن عيسى.
    والظاهر أنّ عبد الله بن محمّد بن عيسى الأشعريّ (أخا أحمد بن محمّد بن عيسى) سافر إلى الكوفة وتحمّل الكتاب من الحسن بن محبوب، ونقله إلى قمّ.
    ففي الواقع أنّ هذه الرواية ذُكرت في نسختين من كتاب النوادر للحسن بن محبوب: نسخة أحمد بن محمّد بن عيسى (كما نجده في السند الثاني)، ونسخة عبد الله بن محمّد بن عيسى (كما نجده في السند الثالث).
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ الرواية صحيحة، وإن قلنا إنّ إسحاق بن عمّار كان فطحياً فالرواية موثّقة.
    كما أنّ الرواية ذُكرت في نسختين من كتاب النوادر للحسن بن محبوب الذي يعدّ من الكتب المشهورة المعتبرة.


نوشته ها در باره این

نظر شما

.شما در حال ارسال نظر براي از كتاب الصحيح فى فضل الزيارة الحسينية نوشته مهدى خداميان هستید

‌اگر مي خواهيد مطلب ديگري - كه ربطي به اين ندارد- براي من بفرستيداينجا را كليك كنيد.


عنوان این فیلد نمی تواند خالی باشد.
متن نظر شما
لطفا ایمیل خود را وارد کنید * این فیلد نمی تواند خالی باشد.لطفا ایمیل را صحیح وارد نمایید.
لطفا نام خود را وارد نمایید


ابتدای متن