کتب دکتر مهدی خدامیان آرانی - سایت نابناک

سایت استاد مهدي خداميان آرانی

در حال بارگذاری

    الفصل الثالث

     	الفصل الثالث


    نذكر في هذا الفصل الروايات الصحيحة التي تبيّن آثار زيارة الإمام الحسين(عليه السلام); من طول العمر، والبركة، ودفع البلاء وغير ذلك .
    وكما قلنا سابقاً فإنّا سنقتصر على الروايات الصحيحة خاصّة، ولذلك نذكر في المقام ثلاثاً منها وهي: صحيحة منصور بن حازم، ومصححّة الريّان بن شَبيب، وصحيحة أبي حمزة الثُّماليّ.
    صحيحة منصور بن حازم
    روى ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات عن محمّد بن عبد الله الحِميَري، عن أبيه، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سيف بن عُمَيرة، عن منصور بن حازم، قال: سمعناه يقول:
    من أتى عليه حول لم يأتِ قبر الحسين، أنقص الله من عمره حولاً، ولو قلت: إنّ أحدكم ليموت قبل أجله بثلاثين سنة، لكنت صادقاً; وذلك أنّكم تتركون زيارته، فلا تَدَعوا زيارته يمدّ الله في أعماركم ويزيد في أرزاقكم، وإذا تركتم زيارته نَقَص الله من أعماركم وأرزاقكم، فتنافسوا في زيارته ولا تَدَعوا ذلك، فإنّ الحسين بن عليّ شاهد لكم عند الله وعند رسوله وعند عليّ وفاطمة.
    ورواها الشيخ المفيد عن ابن قُولَوَيه بنفس الإسناد، وذكرها الشيخ الطوسيّ بإسناده عن ابن قُولَوَيه.[395]
    وذكرها ابن المشهديّ في مزاره، والمجلسيّ، والحرّ العامليّ.[396]
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال السند، وبقي الكلام في وثاقة محمّد بن عبد الحميد، وسيف بن عُمَيرة، ومنصور بن حازم:
    وثاقة محمّد بن عبد الحميد
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الرضا(عليه السلام) بعنوان "محمّد بن عبد الحميد العطّار" .[397]
    وأورده النجاشيّ في رجاله بعنوان "محمّد بن عبد الحميد بن سالم العطّار" ، وذكر أنّه كان ثقةً من أصحابنا الكوفيّين .[398]
    وذكره الشيخ في فهرسته[399]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن عبد الحميد العطّار : أبوه عبد الحميد بن سالم العطّار ، مولىً لبَجِيلة ".
    واُخرى في أصحاب العسكريّ(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن عبد الحميد العطّار : كوفىّ ، مولى بَجِيلة ".
    وثالثةً فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً : "محمّد بن عبد الحميد : روى عنه ابن الوليد ".[400]
    وثاقة سيف بن عَميرة
    عدّه البرقيّ في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "سيف بن عَميرة ، النَّخَعي : عربيّ ، كوفيّ ".
    واُخرى في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بعنوان "سيف بن عَميرة" .[401]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "سيف بن عَميرة النَّخَعي: عربي، كوفيّ، ثقة".[402]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "سيف بن عَميرة : ثقة ، كوفىّ ، نخعىّ ، عربىّ ".[403]
    وذكره في رجاله تارةً بعنوان "سيف بن عَميرة النَّخَعي الكوفي" ، واُخرى دون لقب قائلا : "سيف بن عَميرة : له كتاب، روى عن أبي عبد الله(عليه السلام) ".[404]
    وثاقة منصور بن حازم
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) بعنوان "منصور بن حازم" .[405]
    وذكر الكشّيّ مدحه.[406]
    وأورده النجاشيّ في رجاله مع وصفه بالبَجَلي ، وذكر أنّه ثقة، عين، صدوق ، من أجلّة أصحابنا وفقهائهم .[407]
    وذكره الشيخ في فهرسته.[408]
    وذكره في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلا : "منصور بن حازم البَجَلِي : مولاهم ، كوفىّ أسند عنه ".[409]
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات الأجلاّء، وعليه فالحديث صحيح أعلائي.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، وهذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر لمحمّد بن عبد الحميد وكان من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام من هذه الجهة:
    إذا راجعنا رجال النجاشيّ، وجدنا أنّه ذكر في ترجمة محمّد بن عبد الحميد أنّ له كتاب النوادر، ولقد رواه النجاشيّ عن طريق ابن شاذان، عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن محمّد بن عبد الحميد.
    وهذا يعني أنّ عبد الله بن جعفر الحِميَريّ روى نسخة من كتاب محمّد بن عبد الحميد، ونجد في تراثنا الحديثيّ خلال مواضع متعدّدة رواية الحِميَريّ عن محمّد بن عبد الحميد.[410]
    وعندما سافر منصور بن حازم الكوفيّ إلى المدينة سمع هذا الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام)، ونقله في الكوفة إلى سيف بن عُمَيرة الكوفيّ، ولمّا أراد محمّد بن عبد الحميد أن يكتب كتاب نوادره، ذكر فيه هذا الحديث الذي سمعه من شيخه واُستاذه سيف بن عُمَيرة.
    فالمصدر الأوّل لهذا الحديث هو كتاب النوادر لمحمّد بن عبد الحميد، ولمّا خرج عبد الله بن جعفر الحِميَريّ من مدينة قمّ إلى الكوفة لأخذ الحديث، تحمّل هذا الكتاب من محمّد بن عبد الحميد، ونقله إلى مدينة قمّ. فأصل الكتاب كان كوفياً، غير أنّه صار في هذه الطبقة قمّياً.
    وبعد ذلك تحمّل محمّد بن عبد الله بن جعفر الحِميَريّ هذا الكتاب من والده، وسمعه ابن قُولَوَيه منه.
    فكتاب محمّد بن عبد الحميد كان عند ابن قُولَوَيه، وكان له طريق صحيح إليه ولمّا أراد أن يكتب كامل الزيارات، أخذ هذا الحديث من كتاب محمّد بن عبد الحميد.
    فتبيّن أنّ رواية منصور بن حازم من أصحّ ما عندنا من الروايات رجاليّاً وفهرستياً، فرجال هذه الرواية كلّهم من الثقات الأجلاّء، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه هذه الرواية كان معتبراً أيضاً.
    تتميم
    هناك أحاديث عديدة رواها ابن قُولَوَيه، ومضمونها يؤيّد صحيحة منصور بن حازم، نذكرها تتميماً للفائدة:
    الحديث الأوّل: صحيحة محمّد بن مسلم الذي بسطنا الكلام حول صحّتها وشرحنا أسانيدها الخمسة في الفصل الأوّل من كتابنا هذا. حيث ذكر في صدر الرواية أنّه قال أبو عبد الله(عليه السلام) : مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين بن عليّ(عليه السلام); فإنّ إتيانه يزيد في الرزق، ويمدّ في العمر، ويدفع مدافع السوء.[411]
    الحديث الثاني: روى عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل، عمّن حدّثه، عن عبد الله بن وضّاح ، عن داود الحمار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) : من لم يزر قبر الحسين(عليه السلام)، فقد حُرم خيراً كثيراً، ونَقَص من عُمُره سنةً.[412]
    الحديث الثالث: روى عن الحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه عبد الله بن محمّد بن عيسى الأشعريّ، عن الحسن بن محبوب، عن صبّاح الحذّاء، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: سمعته يقول: زوروا الحسين(عليه السلام) ولو كلّ سنة، فإنّ كلّ من أتاه عارفاً بحقّه غير جاحد، لم يكن له عوض غير الجنّة، ورُزق رزقاً واسعاً، وآتاه الله من قِبَله بفرج عاجل.[413]
    الحديث الرابع: روى عن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبان، عن عبد الملك الخَثعَمي، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال لي: يا عبد الملك، لا تدع زيارة الحسين بن عليّ(عليهما السلام) ، ومر أصحابك بذلك، يمدّ الله في عمرك، ويزيد الله في رزقك، ويحييك الله سعيداً، ولا تموت إلاّ سعيداً، ويكتبك سعيداً.[414]



    صحيحة الريّان بن شَبيب
    روى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا(عليه السلام) والأمالي، عن اُستاذه محمّد بن عليّ ماجِيلَوَيه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريّان بن شَبيب (في حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة)، عن الإمام الرضا(عليه السلام) :
    يابن شَبيب، إن بكيت على الحسين(عليه السلام) حتّى تصير دموعك على خدّيك، غفر الله لك كلّ ذنب أذنبته، صغيراً كان أو كبيراً، قليلاً كان أو كثيراً.
    يابن شَبيب، إن سَرّك أن تلقى الله عزّ وجلّ ولا ذنبَ عليك ، فزر الحسين(عليه السلام).
    يابن شَبيب، إن سَرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنّة مع النبيّ وآله صلوات الله عليهم، فالعن قتلة الحسين(عليه السلام).
    يابن شَبيب إن سَرّك أن يكون لك من الثواب مثلما لمن استشهد مع الحسين(عليه السلام)، فقل متى ما ذكرته: "يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً".
    يابن شَبيب إن سَرّك أن تكون معنا في الدرجات العُلى من الجنان، فاحزن لحزننا، وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا، فلو أنّ رجلاً تولّى حجراً لحشره الله معه يوم القيامة.[415]
    ذكرها السيّد ابن طاوس، والعلاّمة المجلسيّ، والحرّ العامليّ.[416]
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال السند، وبقي الكلام في حال محمّد بن عليّ ماجِيلَوَيه، والريّان بن شَبيب:
    حال محمّد بن عليّ، ماجِيلَوَيه
    هناك رجلان معروفان بماجيلَوَيه; أوّلهما: محمّد بن عبيد الله بن عمران البرقي، وثانيهما: محمّد بن عليّ بن محمّد بن عبيد الله بن عمران البرقي.
    ففي الواقع أنّ ماجيليويه الثاني هو حفيد الأوّل، ونحن نعبّر عن الأوّل بماجيلويه الجدّ، وعن الثاني بماجيلويه الحفيد. أمّا ماجيلويه الجدّ فقد ذكره النجاشيّ في رجاله قائلاً: "محمّد بن أبي القاسم عبيد الله بن عمران...سيّد من أصحابنا القمّيّين، ثقة عالم فقيه..."[417]
    وأمّا ماجيلويه الحفيد فلم يُذكر له في كتب الرجال توثيق صريح، وربّما يُستدلّ على وثاقته بكونه من مشايخ الصدوق، كما أنّ العلاّمة صحّح طريق كتاب الفقيه إلى منصور بن حازم ومعاويه بن وهب، وفيه ذكر ماجيلويه الحفيد.[418]
    والحاصل، إنّ ماجيلويه الحفيد كان طريقاً إلى تراث على ّ بن إبراهيم القمّيّ، فالشيخ الصدوق روى عن طريق ماجيلويه الحفيد كتاب على ّ بن إبراهيم، وسنذكر فيما بعد أنّ على ّ بن إبراهيم ألّف كتاب النوادر، وكان هذا الكتاب معتبراً ومشهوراً عند قدماء أصحابنا، وكان اعتماد الشيخ الصدوق على ماجيلويه الحفيد لأنّه كان مجرّد طريق إلى كتاب مشهور.
    وثاقة الريّان بن شَبيب
    مدحه الكشّيّ في رجاله[419]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "ريّان بن شَبيب، خال المعتصم، ثقة، سكن قمّ، روى عنه أهلها".[420]
    ووثّقه العلاّمة في خلاصة الأقوال[421422]
    فتحصّل أنّ الشواهد تدلّ على قبول رواية رجال هذا الحديث، وعليه يكون الحديث مصححّاً.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، وهذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم، وهو كتاب معتمد عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام من هذه الجهة:
    إذا راجعنا رجال النجاشيّ وفهرست الطوسيّ، نجد أنّهما ذكرا كتاب النوادر في عداد كتب إبراهيم بن هاشم، كما رويا هذا الكتاب بالإسناد عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم.[423]
    فإنّ إبراهيم بن هاشم سمع هذا الحديث من ريّان بن شَبيب فأدرجه في كتابه النوادر، ثمّ قام ابنه عليّ بن إبراهيم بتحمّله من أبيه، ثمّ تحمّله ماجِيلَوَيه من شيخه عليّ بن إبراهيم.
    والحاصل أنّه عند ماجِيلَوَيه نسخة من كتاب النوادر لإبراهيم هاشم، وهي نسخة ابنه علي.
    وإذا راجعت إلى التراث الحديثيّ للشيخ الصدوق، وجدت أنّه روى في أكثر من أربعين حديثاً عن ماجِيلَوَيه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه. وهذه الأخبار تؤيّد ما ذكرنا من أنّ ماجِيلَوَيه روى كتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم القمّيّ[424]
    وكتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم كان عند الشيخ الصدوق، فإنّه قد تحمّله من اُستاذه ماجِيلَوَيه، عن عليّ بن إبراهيم، عن إبراهيم بن هاشم.
    فتبيّن أنّ مصححّة الريّان بن شَبيب من الروايات المعتبرة، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه كان معتبراً أيضاً.
    وبعد أنّ ثبت بمصححّة ابن شَبيب أنّ زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) توجب غفران الذنوب، نذكر الأحاديث التي تؤيّد هذا المعنى تتميماً للفائدة:
    الحديث الأوّل: روى الشيخ الصدوق عن أبيه وابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ، عن عليّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عمرو الزيّات، عن فائِد الحنّاط، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)، قال: من زار قبر الحسين(عليه السلام) عارفاً بحقّه، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.[425]
    الحديث الثاني: روى ابن قولويه عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحكم بن مِسكين، عن هِند الحنّاط، عن أبي عبد الله(عليه السلام) مثله.[426]
    الحديث الثالث: روى الشيخ الصدوق عن القطّان، عن السُّكَّري، عن الجوهري، عن أحمد بن عيسى، عن عمّه محمّد بن عبد الله، عن زيد بن عليّ(عليه السلام)، قال: من أتى قبر الحسين(عليه السلام) عارفاً بحقّه، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.[427]
    الحديث الرابع: روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن صفوان، عن ابن مُسكان، عن أبي عبد الله(عليه السلام).
    وروى الشيخ الصدوق عن ابن الوليد، عن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان، عن ابن مُسكان مثله.[428]
    الحديث الخامس: روى الشيخ الكلينيّ عن الحسين بن محمّد، عن مُعلّىّ بن محمّد، عن أبي داود المُستَرِقّ، عن بعض أصحابنا، عن مثنّى الحنّاط، عن أبي الحسن موسى(عليه السلام) مثله.[429]
    الحديث السادس: روى ابن قُولَوَيه عن القاسم بن محمّد بن عليّ، عن أبيه، عن جدّه، عن عبد الله بن حمّاد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)مثله.[430]
    الحديث السابع: روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن ابن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقبَة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، مثله.[431]
    الحديث الثامن: روى الشيخ الصدوق عن الطالقاني، عن أحمد الهمداني، عن المنذر بن محمّد، عن جعفر بن سليمان، عن عبد الله بن الفضل في حديث عن أبي عبد الله(عليه السلام) : من زار قبر أبي عبد الله الحسين بن عليّ(عليهما السلام) وهو يعلم أنّه إمامٌ مفترض الطاعة على العباد، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.[432]
    الحديث التاسع: روى الشيخ الصدوق عن ابن إدريس، عن أبيه، عن الأشعريّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن ابن فضّال، عن محمّد بن الحسين بن كثير، عن هارون بن خارجة في حديث عن أبي عبد الله(عليه السلام) : والله من زاره عارفاً بحقّه، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.[433]
    الحديث العاشر روى ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد، عن العبّاس بن عامر، عن يوسف الأنباري، عن فائِد الحنّاط في حديث عن أبي عبد الله(عليه السلام): من أتى قبر الحسين بن عليّ(عليه السلام) عارفاً بحقّه، غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.[434]
    تتميم
    صرّحت مصححّة الريّان بن شَبيب بأنّ زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) توجب غفران جميع الذنوب وأرى من المناسب أن اُشير إلى آثار الذنوب وعواقبها ; حتّى نعرف مدى عظمة فضيلة زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) بحيث تمحو الذنوب التي تُبعد الإنسان عن الله ، فنقول :
    1 ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام) : أما أنّه ليس من عِرق يضرب ولا نَكبَة ولا صَداع ولا مَرض، إلاّ بذنب، وذلك قول الله عزّ وجلّ في كتابه: (وَ مَآ أَصَـبَكُم مِّن مُّصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَن كَثِير)[435]
    2 ـ عن أبي جعفر(عليه السلام) : ما من نَكبة تصيب العبد إلاّ بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر.[436]
    3 ـ "عن أبي اُسامة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) : تعوّذوا بالله من سَطوَات الله بالليل والنهار. قال: قلت له: وما سطوات الله؟ قال: الأخذ على المعاصي".[437]
    4 ـ عن أبي جعفر(عليه السلام) : إنّ العبد ليذنب الذنب فيُزوى عنه الرزق.[438]
    5 ـ عن أبي عبد الله(عليه السلام) : إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب انمحت، وإن زاد زادت حتّى تغلب على قلبه، فلا يفلح بعدها أبداً.[439]
    وبعد أن عرفت آثار الذنوب وتبعاتها، فاعلم أنّ الله تعالى أقرّ طرقاً لمحو آثارها وإزالة تبعاتها ، فالله تعالى لا تضرّه معصية من عصاه ، وهو غنيّ عن عذاب الخلق، لذا سبقت رحمته غضبه ، فمن آثار رحمته أنّه وضع أسباباً لمحو تبعات هذه الذنوب والتجاوز عنها بعفوه ، منها الاستغفار والتوبة والإنابة إليه ، ومنها تعظيم نبيّه(صلى الله عليه وآله) والتقرّب إليه وإلى أهل بيته(عليهم السلام) أئمّة الهدى ، بزيارتهم في حياتهم والاختلاف إلى قبورهم وزيارتها بعد مماتهم.
    إنّ النبيّ وأهل بيته هم من ارتضى الله شفاعتهم يوم القيامة بصريح القرآن والسنّة ، فهم سفينة النجاة التي من ركبها نجا ، وإنّ ركوبها ليس حكراً على أزمنتهم وليسوا إذا ما ماتوا حرمت الأجيال اللاّحقة من الركوب في هذه السفينة ، فهم منقذو البشرية إلى يوم القيامة ، وهم الشفعاء المرضيّون عند ربّهم، يشفعون لمن ارتضى الله ، وينقذون المذنبين من تبعات ذنوبهم ، وإلاّ ما معنى "من تمسّك بهم نجا" ؟
    ومن مشيئته تعالى أنّه جعل زيارة قبور النبيّ(صلى الله عليه وآله) والأئمّة(عليهم السلام) من أهمّ أسباب غفران الذنوب . وهذا ما أقرّته تلك الصحيحة من إخبار الإمام الصادق(عليه السلام) بأنّ الله يغفر لزوّار قبر الإمام الحسين(عليه السلام) ذنوبهم حتّى يلقوا الله بلا ذنب.


    صحيحة أبي حمزة الثُّماليّ
    روى ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات عن ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن الحسن بن عليّ بن المغيرة، عن العبّاس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثُّماليّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال:
    إنّ الله وكّل بقبر الحسين(عليه السلام) أربعة آلاف ملك شُعثاً غُبراً ; يبكونه من طلوع الفجر إلى زوال الشمس، فإذا زالت هبط أربعة آلاف ملك، وصعد أربعة آلاف ملك، فلم يزل يبكونه حتّى يطلع الفجر، ويشهدون لمن زاره بالوفاء، ويشيّعونه إلى أهله، ويعودونه إذا مرض، ويصلّون عليه إذا مات.[440]
    وذكرها العلاّمة المجلسيّ، والمحدّث النوري.[441]
    وقد تعرّضنا لوثاقة ابن قُولَوَيه، وابن الوليد، والصفّار، والآن نتعرّض لوثاقة سائر رجال السند:
    وثاقة الحسن بن عليّ بن المغيرة
    أورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "الحسن بن عليّ بن عبد الله بن المغيرة ، البَجَلي : مولى جُندَب بن عبد الله ، أبو محمّد ، من أصحابنا الكوفيّين ، ثقة ثقة ".[442]
    وذكره الشيخ في فهرسته ،[443444445]
    وثاقة العبّاس بن عامر
    أورده النجاشيّ في رجاله قائلاً: "العبّاس بن عامر بن رَبَاح : أبو الفضل الثقفي ، القَصَباني ، الصدوق ، الثقة ، كثير الحديث ".[446]
    وذكره الشيخ في فهرسته[447]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بعنوان "العبّاس بن عامر" ، واُخرى فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً : "العبّاس بن عامر القَصَباني : روى عنه أيّوب بن نوح ".[448]
    وثاقة أبان بن عثمان
    عدّه البرقيّ في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) بعنوان "أبان بن عثمان الأحمر" .[449]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً : "أبان بن عثمان البَجَلي : مولاهم ، أصله كوفيّ، كان يسكنها تارةً والبصرة تارةً ، وقد أخذ عنه أهلها... روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسى(عليهما السلام) ".[450]
    وذكره الشيخ في فهرسته.[451]
    وذكره في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام).[452]
    كما ذكره ابن حبّان في الثقات قائلاً : "روى عنه أهل الكوفة" .[453]
    وذكره الذهبيّ في الميزان قائلاً : "لم يُترك بالكلّيّة ، وأمّا العقيلي فاتّهمه" .[454]
    ولقد ذكره الكشّيّ فيمن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم ، وأنّه كان من أهل البصرة وكان يسكن الكوفة، وكان من الناوسيّة .[455]
    والناوسيّة أتباع رجل يقال له ناوس، وقيل : نُسبوا إلى قريه ناوسا، وذهبوا إلى أنّ الإمام الصادق(عليه السلام) حيّ بعد، ولن يموت حتّى يظهر أمره وهو القائم المهدي.[456]
    ولذلك ذهب العلاّمة في خلاصة الأقوال إلى أنّ أبان بن عثمان كان فاسد المذهب، ولكنّه صرّح بأنّ الأقرب عنده هو قبول رواية أبان بن عثمان ; للإجماع الذي ذكره الكشّيّ.[457]
    وأفاد ابن داود في رجاله: "إنّ أبان كان ناوسياً، فهو بالضعفاء أجدر، لكنّه ذكرته هنا لثناء الكشّيّ عليه، وإحالته على الإجماع المذكور".[458]
    هذا وذكر السيّد الخوئي أنّه ذُكر في بعض نسخ الكشّيّ "كان من القادسيّة" بدل "كان من الناوسيّة" ، حيث قال : "الظاهر أنّ الصحيح هو الأخير ، وقد حُرّف وكُتب : وكان من الناوسيّة ".[459]
    واستشهد على ذلك بشهادة النجاشيّ والشيخ الطوسي على أنّ أبان روى عن أبي الحسن(عليه السلام) ، ومعه كيف يمكن أن يكون من الناوسيّة وهم الذين وقفوا على أبي عبد الله(عليه السلام) ؟
    وإن قلنا بمقالة ابن داود والعلاّمة فالرواية موثّقة، ولكن بناءً على ما ذكرنا من أنّ أبان بن عثمان لم يكن ناوسياً فالرواية صحيحة.
    وثاقة أبي حمزة الثُّماليّ
    عدّه البرقيّ في رجاله تارةً في أصحاب السجّاد(عليه السلام) قائلاً : "أبو حمزة الثُّمالي ّ، ثابت بن دينار : وكُنية دينار أبو صفيّة "، واُخرى في أصحاب الصادق(عليه السلام)، وثالثةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بنفس العنوان .[460]
    ووثّقه الكشّيّ ، وروى روايات عديدة في مدحه.[461]
    وذكره النجاشيّ بعنوان "ثابت بن أبي صفيّة : أبو حمزة الثُّماليّ" ، ووثّقه ، وذكر أنّه لقي عليّ بن الحسين وأبا جعفر وأباعبد الله وأبا الحسن(عليهم السلام) ، وكان من خيار أصحابنا ومعتمدهم في الرواية والحديث .[462]
    وذكره الشيخ في رجاله تارةً في أصحاب السجّاد(عليه السلام) قائلاً : "ثابت بن أبي صفيّة دينار الثُّماليّ، الأزدي : يُكنّى أبا حمزة الكوفيّ ، مات سنة مئة وخمسين ".
    واُخرى في أصحاب الباقر(عليه السلام) قائلاً : "ثابت بن دينار : أبو صفيّة الأزدي ، الثُّماليّ ، يُكنّى أبا حمزة ".
    وثالثةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "ثابت بن أبي صفيّة : دينار الأزدي ، الثُّماليّ ، الكوفي ، يُكنّى أبا حمزة ، مات سنة خمسين ومئة ".
    ورابعةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بعنوان "ثابت بن دينار" ، وقال : "اختُلف في بقائه إلى وقت أبي الحسن موسى(عليه السلام) ، روى عن عليّ بن الحسين ومَن بعده(عليهم السلام) ، له كتاب ".[463]
    وذكره في فهرسته قائلاً : "ثابت بن دينار : يُكنّى أبا حمزة ، الثُّماليّ ، وكنية دينار أبو صفيّة ، ثقة ".[464]
    والحاصل، أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات، وعليه فالحديث صحيح أعلائي.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، وهذه الرواية ذُكرت في كتاب المزار للصفّار وكان من الكتب المعتمدة عند أصحابنا فإنّا إذا راجعنا رجال النجاشيّ في ترجمة محمّد بن الحسن الصفّار وجدنا أنّه ذكر كتاب المزار من جملة كتب الصفّار.
    ثمّ إنّ الشيخ الطوسيّ روى جميع كتب الصفّار عن طريق جماعة من مشايخه، عن الشيخ الصدوق، عن ابن الوليد، عن الصفّار.
    هذا يعنى أنّ ابن الوليد روى كتاب المزار للصفّار أيضاً، ونجد في سند هذا الرواية أنّ ابن قُولَوَيه روى عن ابن الوليد، عن الصفّار.
    ولمّا أراد ابن قُولَوَيه أن يكتب كتابه كان كتاب المزار للصفّار عنده، فأخذ منه هذا الحديث وأدرجه في كتابه.
    فتبيّن أنّ رواية أبي حمزة الثُّماليّ من الروايات الصحيحة رجاليّاً وفهرستياً، فرجال الرواية كلّهم من الأجلاّء، كما أنّ المصدر الّذي ذُكرت فيه كان معتبراً أيضاً.
    تتميم
    بعد أن ثبت بصحيحة الثُّماليّ أنّ لزائر الإمام الحسين(عليه السلام) منزلة عظيمة بحيث إنّ الملائكة يشيّعونه ويعودونه في مرضه ويصلّون في موته، نذكر هنا الأحاديث التي تؤيّد هذا المعنى ، وهي كثيرة ونقتبس منها الأحاديث التالية بطرق مختلفة:
    الحديث الأوّل: روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن ابن بَزِيع، عن أبي إسماعيل السرّاج، عن يحيى بن معمّر العطّار، عن أبي بصير، عن أبي جعفر(عليه السلام) : أربعة آلاف ملك شُعث غُبر يبكون الحسين(عليه السلام) إلى يوم القيامة، فلا يأتيه أحد إلاّ استقبلوه، ولا يرجع أحد من عنده إلاّ شيّعوه، ولا يمرض أحد إلاّ عادوه، ولا يموت أحد إلاّ شهدوه.[465]
    الحديث الثاني: روى ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أبان، عن أبي عبد الله(عليه السلام)مثله.[466]
    الحديث الثالث: روى ابن قُولَوَيه عن جعفر بن محمّد الرزّاز، عن إبراهيم بن عبد الله بن نَهيك، عن ابن أبي عُمَير، عن سَلَمة صاحب السابِرِي، عن أبي الصبّاح الكِنانيّ، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: إنّ إلى جانبكم قبراً ما أتاه مكروب إلاّ نفّس الله كَربَه وقضى حاجته، وإنّ عنده أربعة آلاف ملك منذ يوم قُبض شُعثاً
    غُبراً ; يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره شيّعوه، ومن مرض عادوه، ومن مات اتّبعوا جنازته.[467]
    الحديث الرابع: روى ابن قُولَوَيه عن ابن الوليد، عن الصفّار، عن الحسن بن عليّ بن عبد الله، عن العبّاس بن عامر، عن أبان، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) : إنّ الله وكّل بقبر الحسين(عليه السلام) أربعة آلاف ملك شُعثاً غُبراً يبكونه من طلوع الفجر إلى زوال الشمس، فإذا زالت هبط أربعة آلاف ملك، وصعد أربعة آلاف ملك، فلم يزل يبكونه حتّى يطلع الفجر ، ويشهدون لمن زاره بالوفاء، ويشيّعونه إلى أهله، ويعودونه إذا مرض ، ويصلّون عليه إذا مات.[468]
    الحديث الخامس: روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن الحِميَري، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عمر بن أبان الكَلبي، عن ابن تَغلِب، عن أبي عبد الله(عليه السلام) : إن أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين(عليه السلام)، شُعثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة، رئيسهم ملك يقال له: منصور، فلا يزوره زائر إلاّ استقبلوه، ولا يودّعه مُودّع إلاّ شيّعوه، ولا يمرض إلاّ عادوه، ولا يموت إلاّ صلّوا على جنازته واستغفروا له بعد موته.[469]
    الحديث السادس: روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) : وكّل الله بقبر الحسين(عليه السلام) أربعة آلاف ملك، شُعثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره عارفاً بحقّه شيّعوه حتّى يبلغوه مأمنه، وإن مرض عادوه غُدوةً وعَشيةً، وإن مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم القيامة.[470]




    الخاتمة
    بعد أن استقصينا الروايات الصحيحة في فضل زيارة الحسين(عليه السلام) وآثارها، رأينا أنّه من المناسب أن ندقّق فيما روي في باب الزيارات المطلقة للإمام الحسين(عليه السلام)، ونذكر في المقام ما هو الأصحّ ، فنقول:
    روى ابن قُولَوَيه عن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن عليّ بن المغيرة، عن العبّاس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن عطيّة، عن بيّاع السابِرِيّ:
    قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) وهو يقول: من أتى قبر الحسين(عليه السلام) كتب الله له حجّة وعمرة أو عمرة وحجّة.
    قال: قلت: جُعلت فداك، فما أقول إذا أتيته؟
    قال: تقول:
    السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يوم ولِدت ويوم تموت ويوم تُبعث حيّاً، أشهد أنّك حيّ شهيد تُرزق عند ربّك، وأتوالَى وليّك وأبرأ من عدوّك، وأشهد أنّ الذين قاتلوك وانتهكوا حرمتك ملعونون على لسان النبيّ الأُمّي. وأشهد أنّك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، وجاهدت في سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة. أسأل الله وليّك ووليّنا أن يجعل تحفتنا من زيارتك الصلاة على نبيّنا، والمغفرة لذنوبنا، اشفع لي يا ابن رسول الله عند ربّك".[471]
    وذكرها العلاّمة المجلسيّ في بحار الأنوار.[472]
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال السند، وبقي الكلام في وثاقة الحسن بن عطيّة، وعمر بن يزيد:
    توثيق الحسن بن عطيّة
    ذكره الشيخ الطوسيّ في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام)، تارةً بعنوان "الحسن بن عطيّة المحاربي الدَّغشِيّ أبو ناب الكوفيّ"، واُخرى قائلاً: "الحسن بن عطيّة، أبو ناب الدَّغشِيّ، أخو مالك وعليّ".[473]
    ووثّقه العلاّمة في رجاله قائلاً: "الحسن بن عطيّة الحنّاط المحاربيّ، الكوفيّ، مولى، ثقة، وأخواه أيضاً محمّد وعليّ، كلّهم رووا عن أبي عبد الله".[474]
    توثيق عمر بن يزيد
    عدّه البرقيّ في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "عمر بن يزيد : بيّاع السابريّ ، وكنيته أبو الأسود ، مولى ثقيف ".
    واُخرى في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بعنوان "عمر بن يزيد" .[475]
    وروى الكشّيّ مدحه.[476]
    وأورده النجاشيّ في رجاله قائلاً : "عمر بن محمّد بن يزيد : أبو الأسود ، بيّاع السابِرىّ ، مولى ثقيف ، كوفىّ ، ثقة ، جليل ، أحد مَن كان يفِدُ في كلّ سنة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن(عليهما السلام) ".[477]
    ووثّقه الشيخ في فهرسته[478]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "عمر بن يزيد : بيّاع السابِرىّ ، كوفيّ ".
    واُخرى قائلا : "عمر بن يزيد : الثقفي ، مولاهم ، البزّاز ، الكوفي ".
    وذكره أيضاً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "عمر بن يزيد : بيّاع السابريّ ، ثقة ، له كتاب ".[479]
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات، وعليه فالحديث صحيح.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ فضلاً عن وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة التي تحمّلها المشايخ، وهذه الرواية ذُكرت في كتاب المزار لسعد بن عبد الله وكان من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام من هذه الجهة:
    إنّ النجاشيّ ذكر كتاب المزار في عداد كتب سعد بن عبد الله الأشعريّ، ورواه عن طريق الشيخ المفيد وغيره، عن جعفر بن محمّد بن قُولَوَيه، عن أبيه وأخيه، عن سعد.[480]
    كما أنّ الشيخ الطوسيّ روى هذا الكتاب عن طريق الشيخ الصدوق، عن ابن الوليد، عن سعد بن عبد الله.
    وهذا الطريق نفس الطريق الذي نجده في سند هذه الرواية، فإنّ جماعة من مشايخ ابن قُولَوَيه (ومنهم ابن الوليد) رووا هذه الحديث عن سعد بن عبد الله.
    وكان سعد بن عبد الله ذكر هذه الرواية في كتابه المزار، وبعد ذلك قام جماعة من المشايخ كابن الوليد وغيره بتحمّل الكتاب وسماعه من مؤلّفه.
    ففي الواقع أنّه كان عند مشايخ قمّ نسخة من كتاب المزار لسعد بن عبد الله، ثمّ تحمّل ابن قُولَوَيه كتاب المزار لسعد من مشايخه، وقام بإخراج الحديث منه.
    فتبيّن أنّ رواية بيّاع السابِرِيّ كانت من الأحاديث الصحيحة رجاليّاً وفهرستياً، فرجال الرواية كلّهم من الأجلاّء، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه كان معتبراً أيضاً.
    تتميم
    روى عمّار بن موسى الساباطي زيارة اُخرى للإمام الحسين(عليه السلام)، ولا بأس بصرف الجهد في تحقيق سندها: فقد روى ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحِميَري، عن أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن مُصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى الساباطي، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال:
    تقول إذا أتيت إلى قبره: السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا سيّد شباب أهل الجنّة ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا من رضاه من رضى الرحمان ، وسخطه من سخط الرحمان. السلام عليك يا أمين الله، وحجّة الله وباب الله، والدليل على الله، والداعي إلى الله. أشهد أنّك قد حلّلت حلال الله وحرّمت حرام الله، وأقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، ودعوت إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة. وأشهد أنّك ومن قُتل معك شهداء أحياء عند ربّك تُرزقون، وأشهد أنّ قاتلك في النار، أدين الله بالبراءة ممّن قتلك، وممّن قاتلك وشايع عليك، وممّن جمع عليك، وممّن سمع صوتك ولم يعنك، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً.[481]
    وقد تعرّضنا لوثاقة ابن قُولَوَيه، وأبيه، وسعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحِميَريّ، والآن نتعرّض لتوثيق سائر رجال السند:
    أمّا أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال، فقد ذكر الكشّيّ أنّه كان فطحيّاً[482483]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "أحمد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن فضّال بن عمر بن أيمن : مولى عِكْرِمة بن رِبعي الفيّاض ، أبو عبد الله ، وقيل : أبو الحسين ، كان فطحيّاً ، غير أنّه ثقة في الحديث ".[484]
    وأمّا عمرو بن سعيد المدائني، فقد ذكر الكشّيّ أنّه كان فطحياً[485486]
    وأمّا توثيق مُصدِّق بن صَدَقة، فقد ذكره الكشّيّ في جماعة كانوا من الفطحية، وقال: "هؤلاء كلّهم فطحية، وهم من أجلاّء العلماء والفقهاء والعدول ".[487]
    ونقل العلاّمة عن عليّ بن الحسن بن فضّال، أنّ مُصدِّق بن صَدَقة والحسن بن صَدَقة كانا من الثقات.[488]
    وأمّا عمّار بن موسى الساباطي، فقد وثقه النجاشيّ في رجاله.[489]
    والحاصل، أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات، وعليه فالحديث معتبر، وبما أنّ فيه جماعة من الفطحية فهو موثّق.
    ولو راجعنا ترجمة عمّار بن إسحاق في فهرست الطوسيّ، وجدنا أنّه قال فيه: "له كتاب كبير جيّد معتمد"، ثمّ روى كتابه بالإسناد الأوّل عن سعد والحِميَري، عن أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن مُصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار.[490]
    ونجد أنّ ابن قُولَوَيه روى بنفس الإسناد عن عمّار بن موسى، ومعنى ذلك أنّ هذه الرواية كانت مذكورة في كتاب عمّار بن موسى.
    وكان عمّار بن موسى سمع هذا الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) وذكره في كتابه، ثمّ تحمّله أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال عن طريق عمرو بن سعيد، عن مُصدِّق بن صَدَقة، ولمّا سافر سعد بن عبد الله والحِميَريّ إلى الكوفة، سمعا وتحمّلاه من أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال، ونقلاه إلى مدينة قمّ، وبعد ذلك سمعه والد صاحب كامل الزيارات من شيخيه سعد والحِميَريّ ونقله إلى ولده.
    فصاحب كامل الزيارات لمّا أراد أن يكتب كتابه كان كتاب عمّار بن موسى عنده، فأخذ الحديث منه وذكره في كتابه.
    فتبيّن أنّ رواية عمّار بن موسى من الروايات الموثّقة المعتبرة، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه هذه الرواية كان معتبراً أيضاً.
    * * *
    فتحصّل من جميع ما سردناه لك في هذا الكتاب صحّة 11 حديثاً من الأحاديث الواردة في فضيلة زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)، وقد عرفت أنّه ذُكر في هذه الأحاديث أنّ زيارته(عليه السلام) تزيد في العمر والرزق، وتدفع البلايا، وتوجب غفران الذنوب، وأنّ من أتى الحسين عارفاً بحقّه كتبه الله في أعلى علّيّين، وأنّ زيارته(عليه السلام) تعادل حجّة وعمرة، وأنّ زائر قبر الإمام الحسين(عليه السلام) تدعو له ملائكة السماء كما يدعو له رسول لله، وأنّه يصافح رسول الله يوم القيامة، وأنّه كان كمن زار الله في عرشه.
    وفي الختام أسأل المولى القدير أن يثيبنا على ما بذلنا من الجهد ، وأن يجعل هذا الكتاب كتاباً ينتفع به المؤمنون ، ويزيل الريب به عن قلوب اُولئك الذين شكّوا في مضامين هذه الروايات التي بذلنا لإثبات صحّتها ما نرجو منه الإثابة، والله وليّ المؤمنين.
    سيّدي ومولاي ، أيّها الحسين يا ابن رسول الله ! لقد اشتقت إلى زيارتك، ولا يطفئ هذه الصبابة غير التقلّب على جنبات قبرك الذي أضحى قبلة الزوّار .
    وأنت تعلم يا سيّدي أنّ هذا الحبّ الذي يضطرم في قلبي كان حافزي إلى كتابة هذه السطور وتسويد هذه الوريقات ، ولا همّ لي غير أن أحظى برضاك وقبولك هديتي المزجاة راجياً الشفاعة، وأن أحصل على كلّ ما وُعِدنا بتلك الأحاديث التي أثبتُّ صحّتها لإخواني المؤمنين .
    وأحمد الله وأشكره على إعداده الفرصة لي لإتمام هذا الكتاب، فوفّقني في هذا الأمر وانقاد لي ما تصعّب منه، وأثني عليه جزيل عطائه وجميل فعاله، أنّه وليّ حميد .
    كما أرجو منه تبارك وتعالى ـ قبول هذا العمل اليسير خالصاً لوجهه الكريم ، وإثابة قارئيه فننال به رضاه ، وأن يجعل سعينا كلّه ذخيرة للفوز في المعاد والقرب من نبيّه محمّد وآله الأطهار الميامين ، صلوات الله عليهم أجمعين ، والحمد لله ربّ العالمين .
    مهدي خدّاميان الآرانيّ
    18 ذي الحجّة 1429 هـ ـ قمّ المقدّسة


نوشته ها در باره این

نظر شما

.شما در حال ارسال نظر براي از كتاب الصحيح فى فضل الزيارة الحسينية نوشته مهدى خداميان هستید

‌اگر مي خواهيد مطلب ديگري - كه ربطي به اين ندارد- براي من بفرستيداينجا را كليك كنيد.


عنوان این فیلد نمی تواند خالی باشد.
متن نظر شما
لطفا ایمیل خود را وارد کنید * این فیلد نمی تواند خالی باشد.لطفا ایمیل را صحیح وارد نمایید.
لطفا نام خود را وارد نمایید


ابتدای متن