کتب دکتر مهدی خدامیان آرانی - سایت نابناک

سایت استاد مهدي خداميان آرانی

در حال بارگذاری

    ظلم الأُمّة للعترة

     ظلم الأُمّة للعترة


    حصلت بعد وفاة النبيّ حوادث غير طيّبة ، كان منها نسيان الناس بصورة تكاد تكون مطلقة لمنزلة أهل البيت(عليهم السلام) من النبيّ(صلى الله عليه وآله) والرسالة ، خصوصاً ابنته الوحيدة فاطمة(عليها السلام).
    في عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) كانت فاطمة عزيزة ، ولكن ما أن فارق النبيّ الحياة حتّى تأسّس أساس الظلم والجور عليها وعلى الآل من أهل بيتها المطهّرون .
    يا ترى ماذا جرى حتّى تصرّفت هذه الأُمّة هكذا مع آل بيت نبيّها ؟ كيف يُعقَل أنّها نست هذه الآية الشريفة : (قُل لاَّ أَسْـَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)[24]
    ألم يوصيهم نبيهم بقوله : "أُذكّركم اللهَ في أهل بيتي، أُذكّركم الله في أهل بيتي، أُذكّركم الله في أهل بيتي"؟![25]
    ولقد أخبر الله تعالى نبيّه بما ستفعله أُمّته بعده بذرّيته .
    روى الحافظ الأصفهاني بإسناده عن عبد الله بن مسعود : "كنّا جلوساً عند النبيّ(صلى الله عليه وآله) فرأينا في وجههه شيئاً كرهناه، فقلنا: يا رسول الله، ما نزال نرى في وجهك الشيء نكرهه! فيما ذاك؟ قال: إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي إثرةً تطريداً وتشريداً"[26]
    ولم يُخفِ(صلى الله عليه وآله) سخطه من ذلك، فصرّح أكثر من مرّة بمقام وعذاب من يفعل ذلك بهم : "اشتدّ غضب الله على من آذاني في عترتي"[27]
    وهذه القصّة تحكي عن الأحقاد التي كانت تخفيها أُمّة النبيّ تجاه ذرّيته :
    ذكر الطبراني بالإسناد عن ابن عبّاس قال: "خرجت أنا والنبيّ(صلى الله عليه وآله) وعليّ في حُشّان المدينة[2829]
    ونقل ابن أبي الحديد أنّه قال عليّ(عليه السلام): "ما رأيت منذ بعث الله محمّداً(صلى الله عليه وآله) رخاءً، لقد أخافتني قريش صغيراً، وأنصبتني كبيراً، حتّى قبض الله رسوله، فكانت الطامّة الكبرى، واللهُ المستعان على ما تصفون"[30]
    وحقّاً، فقد حدث ما تنبّأ به رسول الله(صلى الله عليه وآله) لأُمّته وما ستفعله من بعده بذرّيته ، فجرى الظلم عليهم سريعاً ، وأوّل ما وقع على ابنته الوحيدة عزيزة قلبه وسرور فؤاده التي يؤذيه ما يؤذيها ويسرّه ما يسرّها; فاطمة الزهراء أُمّ أبيها!
    نسيت أُمّة النبيّ كلّ وصاياه بحقّ ابنته هذه ، فمارسوا معها خلاف ما أوصاهم به !
    وكذا بُعلها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، الذي هو نفس النبيّ وأخوه ووزيره ووصيّه ووارث علمه ، وقد لخّص(عليه السلام) ظلم الأُمّة هذه بقوله ـ كما ينقل ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه ـ : "ما زلتُ مظلوماً، صبرت وفي الحَلْق شجىً وفي العين قذى، اللهمّ إنّي أستعديك على قريش، لقد ظُلِمتُ عدد الحجر والمدر"[31]
    ولكنّك عندما تتصفح كتب أهل السنّة تجد أنّ طائفة منها تذكر بيعة أمير المؤمنين لأبي بكر بنحو من التدليس والتحريف، فتُوقع الناس الغافلين عن الحقائق في الاشتباه، فيتوهّمون أنّ أمير المؤمنين عليّاً(عليه السلام) وإن كان لا يرى أبا بكر أهلاً للخلافة، ولكنّه كان راضياً عن هذه البيعة.
    أمّا مسألة كشف بيت فاطمة(عليها السلام) فهي مسألة مهمّة للغاية ، تضع أصل خلافة أبي بكر وادّعاء الإجماع عليه تحت علامة السؤال ، هذه المسألة التي يمكن من خلالها فتح نافذة جديدة لكلّ الأحرار ، يا تُرى ما الداعي الذي حدا بالحاكم إلى إصدار أمره بالهجوم على بيت فاطمة ؟ !
    ووفق هذه السياسة تمّ إخفاء الحقائق التاريخية وطمس الكثير من معالمها، أو محوها ما أمكنهم إلى ذلك من سبيل .
    ومن اللاّفت لك أن تعلم أنّ بعض المؤرّخين قد أوصوا بإتلاف الكتب التي تناولت جزئيات حوادث صدر الإسلام واختلافات الصحابة بشيء من التدقيق والتفصيل .
    اسمع إلى كلام الذهبي حين يقول: "تقرّر عن الكفّ عن كثير ممّا شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين، وما زال يمرّ بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء، ولكنّ أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب!
    وهذا فيما بإيدينا وبين علمائنا، فينبغي طيّه وإخفاؤه، بل إعدامه; لتصفو القلوب وتتوفّر على حبّ الصحابة والترضّي لهم. وكتمانُ ذلك متعيّن عن العامّة وآحاد العلماء، وقد يُرخَّص في مطالعة ذلك خلوةً لِلعالم المُنصِف العريِّ من الهوى، بشرط أن يستغفر لهم"[32]
    الله يعلم ـ استناداً إلى هذه السياسة ـ كم من المتون التاريخية التي عكست حقائق ما بعد أحداث السقيفة أُعدمت أو أُتلفت ، أو حُرِّفت أو أُخفُيَت!
    هذا أحمد بن حنبل نقل عن أبيه أنّ أبا عوانة وضع كتاباً فيه معايب أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) وفيه بلايا، فجاء سلام بن أبي مطيع فقال: يا أبا عوانة، أعطِني ذلك الكتاب. فأخذه سلام فأحرقه[33]
    كما نرى أنّ هؤلاء سعوا إلى تهميش كلّ من ينقل جزئيات تلك الحوادث ، فيُوصمونه بالضعيف ، وذلك لأنّه لا تجتمع عندهم عملية نقل فضائل أهل البيت(عليهم السلام)ومثالب الصحابة مع العدالة !
    وهذا كلام ابن عَدِيّ، يقول في ترجمة عبد الرزّاق بن همام الصنعاني ـ الذي كان من شيوخ البخاري ـ: "ولعبد الرزّاق بن همام أصناف وحديث كثير، وقد رحل إليه ثِقات المسلمين وأئمّتهم، وكتبوا عنه ولم يَرَوا بحديثه بأساً، إلاّ أنّهم نسبوه إلى التشيّع! وقد روى أحاديثَ في الفضائل ممّا لا يوافقه عليها أحد من الثقات، فهذ أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث، ولِما رواه في مثالب، غيرهم ممّا لم أذكره في كتابي هذا، وأمّا في باب الصدق، فأرجو أنّه لا بأس به، إلاّ أنّه قد سبق منه أحاديث في فضائل أهل البيت ومثالب آخرين مناكير"[34]
    طبعاً، وأنت أدرى بأنّ أهل السنّة لا يعتمدون على كتب الشيعة ، وهذا ما يوضّحه الذهبي ـ نيابةً عنهم ـ في تصريحه قائلاً : "فأمّا ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك، فلا نعرّج إليه، ولا كرامة! فأكثره باطل وكذب وافتراء، فدأب الروافض رواية الأباطيل![35]
    أمّا وقد عرفت عدم اعتمادهم على كتب الشيعة ونقولاتهم ، فحَريٌّ بنا أن نشرع بتحقيق هذا الموضوع من كتبهم ، إذ لا يمكنهم عند ذلك الإنكار وهم يرون أن كلّ ما جاء بين طيّاتها هو الصحيح وغيره باطل ، وقد قيل : "سعيد من اكتفى بغيره" ، وقيل أيضاً : "مِن فمك أُدينك" .
    نعم ، فنحن سنحتجّ عليهم بالروايات الواردة من طرقهم، ونلزمهم بعدها بما ألزموا به أنفسهم .
    من هنا سوف أقوم في هذا الكتاب بالتحقيق في أرضية الخبر الصحيح الدالّ على أصل واقعة كشف بيت فاطمة(عليها السلام) ، هذا الخبر الذي وصل إلينا بأسانيد عديدة مذكورة في كتب أهل السنّة .
    وقد أخذت عبارة "كشف بيت فاطمة" من خبرهم نفسه، ففيه يصرّح عبد الرحمن بن عوف أنّ أبا بكر في آخر لحظات عمره ودّ أنّه لم يكشف بيت فاطمة !
    فقمت في هذا الكتاب بالتحقيق الرجالي في أربعة عشر سنداً لهذا الخبر ، كلّها من كتب أهل السنّة . وطبعاً فإنّ لهذا الخبر سنداً آخر مذكوراً في كتب الشيعة ، سأقوم ـ تتميماً للفائدةـ بذكره إن شاء الله تعالى.
    وقد أشار هذا الكتاب إلى التحقيق الرجالي في خمسة عشر سنداً لخبر عبد الرحمن بن عوف ، وذلك لاعتقادي أنّ التدقيق والتحقيق في هذا المجال مهمّ جدّاً ، ويوجب الوثوق والاطمئنان بالخبر .
    إذا عرفت هذا، فاعلم أنّا قد قسّمنا بحثا في هذا الكتاب إلى فصلين:
    الفصل الأوّل: كلام حول الإسناد
    ذكرنا في هذا الفصل خمسة عشر سنداً لهذا الخبر، مع التحقيق في رجال كلّ واحد من هذه الأسانيد، والإشارة إلى ما ذُكر في حقّ كلّ واحد من التوثيقات.
    وقد خلصنا ـ كما سترى ـ إلى صحّة خمسة أسانيد من بين هذه الأسانيد الخمسة عشر ، وهي: السند الأوّل والثاني والثالث والتاسع والرابع عشر .
    الفصل الثاني: كلام حول المتن
    بما أنّ الدقّة في متن أيّ خبر تحظى بأهمّية قصوى ، لذا سعينا إلى ذكر متن كلّ سند ، حتّى يمكنك ـ عزيزي القارئ ـ من تشخيص الاختلاف في كلّ واحد من هذه المتون .
    ثم ذكرنا فى خاتمة البحث بعض الحوادث التي وقعت بعد اجتماع السقيفة في المدينة المنورة.
    كلّ هذا والأمل يحدوني أنّي سأكون قد استوفيت الموضوع حقّه، ونلت مرضاتك وتقديرك ، بعدما أكون قد أثبتّ لك ـ بما وسعني من ذكر أسانيد الخبر من كتب الفريقين ـ صحّةَ موضوع كشف بيت فاطمة(عليها السلام) والهجوم عليه بعد أيّام قلائل من رحلة نبيّنا محمّد عليه وعلى آله أفضل التحيّة والسلام .
    وأُكرّر مرّة أُخرى أنّ هدفي من ذلك ليس نبش ضغائن التاريخ واستخراج ما هو مدفون بين صفحاته ، بل هو التمهيد لفكرة أنّ البيعة أُخذت من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) بالإجبار والإكراه، والتهديد أيضاً ، وإلاّ ما كان هناك من داع لذاك الهجوم والإرعاب لوحيدة النبيّ وقرّة عينه ، وإزعاجها إيذائها، وهم يعلمون حقّاً أنّ ذلك يسبّب أذيّة النبيّ وغضبه عليهم . فالقضية أكبر بكثير ممّا يحاولون الإيحاء به من أنّه لا داعيَ للنبش في صفحات ما عفا عنه الزمن ـ على حدّ زعمهم ـ !
    يا ربّ فاطمة ، اغفر لي بحقّ فاطمة ، وتقبّل منّي ما رشح من مداد قلمي هذا، واجعله وسيلتي بين يدي سيّدتي لأنال بذلك رضاها وشفاعتها لي ، ولكلّ من قرأ سطوري هذه فأثّرت فيه أو نالت استحسانه ورضاه .
    سيّدتي فاطمة، إرضي عنّي وعن شيعتك ، فرضاكِ الفوز عند المليك المقتدر الذي قرن رضاكِ برضاه.


نوشته ها در باره این

نظر شما

.شما در حال ارسال نظر براي از كتاب الصحيح فى كشف بيت فاطمه (س) نوشته مهدى خداميان هستید

‌اگر مي خواهيد مطلب ديگري - كه ربطي به اين ندارد- براي من بفرستيداينجا را كليك كنيد.


عنوان این فیلد نمی تواند خالی باشد.
متن نظر شما
لطفا ایمیل خود را وارد کنید * این فیلد نمی تواند خالی باشد.لطفا ایمیل را صحیح وارد نمایید.
لطفا نام خود را وارد نمایید


ابتدای متن