يرجع النبيّ إلى المدينة ، ويهلّ شهر محرّم .
تسوء حال النبيّ يوماً بعد يوم من أثر ذلك الطعام المسموم الذي أهدته إليه زينب اليهودية .
يسقط النبيّ لأيّام عديدة طريحَ فراش المرض .
اليوم هو يوم الثامن والعشرين من المحرّم ، يَقْدم بعض الأصحاب إلى بيت النبيّ لعيادته .
أراد النبيّ تهيئة أصحابه روحياً ليوم الوداع ، فكان يشير إليهم أنّه عن قريب راحل عنهم .
يبكي أصحابه ، وهم يتساءلون : كيف سيتحمّلون فراق شخص كان لهم كالأب العطوف .
يلتفت النبيّ نحوهم ويوصيهم بتقوى الله ، وأن لا يطلبوا الرئاسة في هذه الدنيا الفانية، وأنّه قد دنا أجله، وما أسرع الرحيل، وعند الله الملتقى
[17] هل ترى ذلك الرجل الجالس بقرب النبيّ ؟ هو عمّار بن ياسر ، يدور في خَلَده سؤال ، لا يدري هل يسأل أم يسكت !
وأخيراً يلتفت نحو النبيّ ويقول : يا رسول الله ، أبي وأُمّي ونفسي لك الفداء ، فمن يُغسّلك ويكفّنك ؟
يفرح النبي لهذا السؤال، فيجيب : اعلموا أنّ عليّاً سيتكفّل بغسلي ، تُعاونه الملائكة على ذلك
[18] نعم ، ليعلم الناس أنّ عليّ بن أبي طالب أقرب الناس إلى النبيّ ، في حياته وبعد وفاته .
يلتفت النبيّ نحو عليّ ويقول : يا ابن أبي طالب ، إذا رأيتَ روحي قد فارقت جسدي ، فاغسلني وكفّني ، وستصلّي علَيَّ الملائكة ، سيحضرون أفواجاً للصلاة علَيَّ ; وسيجيء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل للصلاة علَيَّ أيضاً ، وجميعُ أهل السماوات
[19] نعم ، اليوم يخاطب النبيّ أصحابه بخطاب الرحيل ، فيَفهَم الجميع أنّ النبيّ سوف لا يشفى من هذا المرض الذي دهاه .