يتوجّه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بيت زوجته أُمّ سلمة، فيلزم الفراش هناك .
لا بدّ أنّك سمعت باسم أُم سلمة ، تلك المرأة التي كان يطفح قلبها بحبّ الزهراء(عليها السلام) ، وتدافع دوماً عن الوصي عليّ(عليه السلام) .
تلك التي نزلت في بيتها آية التطهير ، جزى الله خيراً ذلك اليومَ الذي كان النبيّ في بيتها ، لمّا التفت نحوها قائلاً : يا أُمّ سلمة ، اذهبي وارسلي بطلب عليّ وفاطمة والحسن والحسين أن يأتوا ها هنا
[41] فتنهض أُم سلمة من مكانها متوجّهةً نحوهم ، فلمّا دخل هؤلاء البيت نهض لهم النبيّ باحترام وأجلسهم إلى جنبه .
اعتنق النبيُّ عليّاً بيمينه ، والحسنَ بيساره ، وألقى الحسينُ يده على رقبة النبيّ جالساً في حضنه ، وجلست فاطمة عند رجليه ، فرفع النبيّ بصره نحو السماء وقال : اللّهمّ إنّ هؤلاء أهلي وعترتي ، فأذهِبْ عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً
[42] فينزل جبرئيل ومعه آية التطهير : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )
[43] نعم ، أُمّ سلمة التي طالما بلّغت قصّة هذه الآية للناس ، مُظهِرةً حبّها الشديد لأهل هذا البيت .
على كلّ حال ، يقرّر النبيّ قضاء أيّامه الأخيرة في بيت أُمّ سلمة ، والآن يمكن لابنته المجيء إليه وعيادته .
ولكن في بيت من بيوت المدينة كانت تُحاك مؤامرة .
كان البعض ممّن لا يروقهم مقام النبيّ في بيت أُمّ سلمة يخطّط لنقل النبيّ إلى بيت عائشة ; حتّى يمكنهم السيطرة على مجريات الأحداث .
يُشاع خبر في المدينة مفاده أنّ النبيّ لا يعدل بين نسائه !
ألم يأمر الله في القرآن بالعدل بين النساء ؟ فلماذا لا يذهب النبيّ إلى بيت عائشة ؟
وأخيراً يظفرون بمبتغاهم ، يصمّم النبيّ على الانتقال إلى بيت عائشة ، ليقطع على الناس كلامهم فيما لا يجوز الكلام فيه .
يعجز النبيّ عن المشي ، فيُحمَل في كساء إلى بيت عائشة .
لو كان النبيّ يريد المشي لتحامل على نفسه ومشى ، ولكن لم يفعل .
لا أدري هل وقعت على ما أعنيه ؟ يشهد التاريخ أنّ النبيّ حُمل بكساء إلى بيت عائشة
[44] يعني لم يذهب النبيّ بقدميه إلى بيت عائشة .
يصيب الفرح والحبور البعضَ مِن حمل النبيّ إلى بيت عائشة ، البعض ممّن انفصل عن جيش أُسامة ، وممّن خطّط لهذا الجلب ، وممّن قرّر إعلان الفتنة السوداء في المدينة !