کتب دکتر مهدی خدامیان آرانی - سایت نابناک

سایت استاد مهدي خداميان آرانی

در حال بارگذاری

    وبَقِيتُ بلهفة الدواة والكتف !

      وبَقِيتُ بلهفة الدواة والكتف !


    يصل خبر مرض النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) سريعاً إلى معسكر أُسامة ، فيتسلّل كثير من المسلمين واحداً تلو الآخر نحو المدينة .
    اليوم هو يوم الخميس ، خمسة وعشرون يوماً مضى من صفر ، يجتمع ما يقارب من ثلاثين نفراً في بيت النبيّ[51]
    جاؤوا لعيادته ، كانت دموع بعضهم تنساب على خدّيه حسرةً .
    يلتفت النبيّ نحو أصحابه ويقول لهم : ائتوني بدواة وكتف ; أكتبْ لكم كتاباً لن تضلّوا بعدي أبداً .
    فيما يهمّ أحدهم بالنهوض لجلب الدواة والكتف وإذا بصوت يباغت الحضّار : ارجع ! إنّ الرجل ليهجر ! القرآن يكفينا !
    يا إلهي ! ماذا سمعت؟! مَن هذا الذي يتكلّم بهذا الكلام ؟
    يديم كلامه : لقد غلب عليه الوجع ، أليس عندكم القرآن ؟ إذاً أيّ شيء تريدون أن يكتب لكم النبيّ ؟[52]
    أمعنتُ النظر كي أتعرّف على هذا المتجاسر .
    إنّه عمر مَن تكلّم بهذا الكلام[53]
    قارئي العزيز .
    ألم يأمرنا القرآن بالإنصات إلى كلام النبيّ ؟ ألم يذكر القرآن أنّ كلام النبيّ من وحي السماء لا من عنده ; إذ قال تعالى فيه: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَ مَا غَوَى * وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى )[54]
    فلِمَ ينسب عمر الهذيان والهجر إلى النبيّ الأكرم ؟
    يخالف البعضُ من الحضّار قول عمر فيقول : دعونا نجلب الدواة والكتف للنبيّ ليكتب لنا .
    نعم ، هذا آخر طلب النبيّ ، النبيّ الذي ضحّى بنفسه لهؤلاء ، وبذل ما بذل لهدايتهم ، هل من الصحيح أن لا نحقّق آخر أُمنياته ؟
    وماذا أراد منّا؟ ليس أكثر من قلم وورق ليكتب لنا كتاباً لا نضلّ بعد أبداً ؟[55]
    فترتفع الأصوات ، بعضٌ يوافق ، وبعضٌ يخالف وينافق[56]
    أنت تعلم أنّه بيت عائشة ، كلّ شيء في هذا البيت تحت سيطرة جماعة معيّنة ، حيث يرتفع صوتها عالياً : القول ما قال عمر ![57]
    نعم ، إنّ حزباً معيّناً كان يدير دفّة الأُمور في ذلك البيت ، كانوا يخالفون كلّ شيء لا يصبّ في منافعهم .
    وهم ما جلبوا النبيّ إلى هذا البيت إلاّ لمنعه من الحصول على القلم والورق .
    هؤلاء كانوا يحلمون بالسلطة والرئاسة .
    وممّا يزيد من تعجّبي ، أنّ النبيّ لا يزال حيّاً ! يريد أن يكتب لأُمّته ما يبقى في خاطرها ، فلماذا يخالف هؤلاء ؟
    ومَن هو عمر مِن بين الناس حتّى ينبغي الاستماع إلى كلامه لا إلى كلام النبيّ ، وحتّى يُطاع ويُعصى النبيّ؟!
    وترتفع الأصوات عند فراش النبيّ، وتصل إلى خارج الحجرة .
    تدخل إحدى نسائه ( وأظنّها أُمّ سلمة ) الحجرة .
    ـ ما الخبر ؟ !
    ـ النبيّ يطلب دواةً وكتفاً ليكتب لنا كتاباً ، وعمر يخالف ذلك .
    ـ وَيْحَكم ! لماذا لا تطيعون النبيّ ؟!
    يؤثّر كلام أُمّ سلمة في البعض، فتُثار فيهم الحمية ، صحيح، لماذا لا يجلبون للنبيّ الدواة والكتف ؟
    يُصاب عمر بذعر شديد من أن يذهب البعض لجلب القلم والورق للنبيّ ، فيلتفت نحو أُمّ سلمة صائحاً : اسكتي ، فإنّه لا عقل لكِ ![58]
    وكان لصوت عمر الغاضب هذا الأثر في إسكات بقيّة الأصوات .
    أخذوا ينظر بعضهم إلى بعض ، هل الكتابة جريمة ؟ لماذا لا يقول أحدهم شيئاً ؟ !
    يجيل النبيّ بصره فيما حوله متأسّفاً ، ماذا يقول لهؤلاء ، ألم ترَ إلى عمر كيف يتجرّأ على حريم النبي ؟
    يسكت الجميع كأنّ على رؤوسهم الطير ، يقف عمر أمام عتبة الباب ، ليس لأحد الحقّ في النهوض لجلب القلم والورق !
    تتعجّب الملائكة كلّها من هذا المشهد ، ليت النبيّ كان معافى أو كانت له القدرة على النهوض .
    هل تتذكّر عزيزي القارئ ذهاب النبيّ إلى البقيع وإشارته إلى الفتنة السوداء ؟ مَن كان يتصوّر أنّ هذه الفتنة سريعاً ما سترسم مظلومية النبيّ وفي حياته ؟
    كان عمر يعلم ماذا يريد أن يخطّ النبيّ بالدواة على الكتف ، كان النبيّ يريد أن يترك خلفه وثيقة تبقى أثراً مكتوباً خالداً حول خلافة وصيّه عليّ(عليه السلام) له[59]
    كان تصميم عمر على منع النبيّ عن هذا الفعل بأيّ وسيلة كانت .
    وأنت ، هل تعرف لماذا ؟
    عمر، هل كان قلبه يحترق على الإسلام أكثر من النبيّ ! !
    هل كان يخاف أنّ الناس سيرفضون قيادة عليّ لهم ، فعليّ كان شابّاً يافعاً جدّاً ، ولهذا من الصعب أن يقبله الناس قائداً عليهم . هكذا ادّعَوا.
    وإنّي لفي عجب حقّاً مِن شخص يحترق قلبه على الإسلام كيف ينسب الهجر والهذيان إلى شخص النبيّ دفاعاً عن الإسلام !
    هل حقّاً كان يريد حفظ الإسلام بذلك ؟ أم ... .
    لا أدري ، أنا فقط أمعنت النظر في وجه النبيّ ، فوجدت قطرات دمع تترقرق في مآقيه .
    ثمّ رأيته كيف يجيل النظر فيما حوله ويقول مغضباً : قوموا عنّي ، لا أُريد رؤيتكم[60]
    فينهض الناس خارجين .
    وفي اللحظات الأخيرة ، يقترب بعض الأصحاب من النبيّ ويهمسون له : يا رسول الله، نأتيك بدواة وكتف ؟
    ينظر النبيّ إليهم مليّاً ثمّ يقول : أنا لا زلت بين ظهرانيكم وأنتم تصرّفتم هكذا ، كلاّ ، لا أحتاج إلى الدواة والكتف ، ولكنّي أوصيكم بأهل بيتي خيراً[61]
    ومرّة أُخرى تسيل دموع النبيّ من مآقيه .
    لماذا يوصي النبيّ هكذا وصيّةً ؟ هل هناك خطر يتهدّد أهل بيته بعده ؟
    كلُّ فهيم يعرف أنّ أيّاماً صعبة تهدّد آل بيت النبيّ بعده .
    هؤلاء الذين نسبوا الهذيان والهجر إلى النبيّ ، لن يتورّعوا لأجل الوصول إلى دفّة الحكومة والرئاسة من فعل أيّ شيء[62]


نوشته ها در باره این

نظر شما

.شما در حال ارسال نظر براي از كتاب إلى الرفيق الأعلى نوشته مهدى خداميان هستید

‌اگر مي خواهيد مطلب ديگري - كه ربطي به اين ندارد- براي من بفرستيداينجا را كليك كنيد.


عنوان این فیلد نمی تواند خالی باشد.
متن نظر شما
لطفا ایمیل خود را وارد کنید * این فیلد نمی تواند خالی باشد.لطفا ایمیل را صحیح وارد نمایید.
لطفا نام خود را وارد نمایید


ابتدای متن