بعد منتصف الليل ، النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في حال استراحة .
وفجأةً ، يثب من نومته ! يا إلهي ، ما سبب هذا الذي يعانيه النبيّ ؟ !
يرسل في طلب بعض أصحابه ، فيحضر عليّ(عليه السلام) وبضعة أنفار عنده .
يطلب النبيّ من هؤلاء أخذه إلى البقيع .
يتعجّب الجميع من هذا الطلب ، لماذا يريد النبيّ وهو في هذه الحالة من المرض الذهاب إلى البقيع ؟!
يسألونه عمّا حصل حتّى يطلب النبيّ زيارة البقيع؟
فيجيبهم النبيّ قائلاً : أمرني ربّي بزيارة أهل البقيع
[33] انظر ، وضع النبيّ إحدى يديه في يد عليّ والأُخرى في يد أبي رافع، وأخذ يسير الهويداء متوجّهاً نحو البقيع .
رفيقي العزيز في هذا السفر !
هل تودّ أن تصحب النبيّ ؟
يصل النبيّ البقيع ، ويقول : السلام عليكم يا أهل المقابر .
ويبقى طويلاً في البقيع يستغفر لأهله .
وفجأةً يلتفت نحو أصحابه ويقول : أقبَلَت الفتن كقِطَع الليل المظلم يَتبْع بعضها بعضاً
[34] ثمّ يسكت قليلاً ، كأنّه يروم قول شيء آخر فلا يجد المصلحة بذلك .
يا تُرى ما هي تلك الفتن القادمة في جوف هذا الليل نحو المدينة ؟
لم يكن أحد ليعلم أنّ اثنين قد انفصلا من معسكر أُسامة، وهما يحثّان السير مسرعَينِ نحو المدينة في جوف هذا الليل .
هذان النفران جاءا لرؤية النبيّ ، قد ضاق صدرهما على النبيّ ، هل من ارتباط بين هذين النفرين وكلام النبيّ ذاك ؟
لا أدري ، كلّ ما أدريه أنّ النبيّ كان مهتمّاً جدّاً ، فلم أرَ النبيّ هكذا قبل هذا اليوم .
يا تُرى ماذا سيحصل غداً ، النبيّ مهتمّ لأحداث يوم غد .
ما هي الحوادث التي ستحدث يوم غد حتّى جعلت النبيّ يهتم كلّ هذا الاهتمام ؟
غداً ستحدث نقطة عطف في تاريخ البشرية ، مع انبثاق فجر يوم الأربعاء ، ستنبثق مظلومية أحبّاء الله .
كأنّك تحدّث نفسك : كيف تعلم كلّ هذا ؟
يا عزيزي ، انظر مرّةً أُخرى إلى وجه النبيّ ، انظر كم هو مترقّب وحريص على أمر ما !
ثمّ انظر نحو المدينة ، أعني مدخل المدينة !
صحيح ، لا يمكنك في هذا الظلام الحالك أن ترى شيئاً .
ولكن في هذه اللحظة يدخل هذان النفران المدينة .
هذان النفرانِ اللذانِ جَهِد النبيّ في إبعادهما عن المدينة ، ولكنّهما يعودان إليها !
يلتفت النبيّ نحو عليّ ويقول : إنّ جبرئيل كان يعرض علَيَّ القرآن كلّ سنة مرّة ، وقد عرضه علَيَّ العامَ مرّتين ، ولا أراه إلاّ لحضور أجلي . يا عليّ ، إنّي خُيّرت بين خزائن الدنيا والخلود فيها أو الجنّة ، فاخترتُ لقاء ربّي والجنّة
[35] فيبكي عليّ وتسيل الدموع على خدّيه رقراقة ، ويبكي الحضور لبكاء عليّ .
يقرّر النبي العودة إلى بيته .
هل سيفكّر الناس يوم غد في معنى كلام النبيّ ؟
هل سيفهم الناس مقصود النبيّ من الفتنة القادمة نحو المدينة ؟
أسأل الله أن يكون الناس قد وَعَوا معنى كلام النبي .