طلب جبرئيل وجميع الملائكة من النبيّ الإذنَ والعودة إلى السماء .
فلم يَبقَ في الحجرة سوى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وعليّ(عليه السلام) .
انظر .
مولاك عليّ متفكّر فيما آلت إليه الأُمور ، ها قد حمّله الله مسؤولية حفظ الإسلام بعد النبيّ ، والصبر على المحن الهائلة، والسعي لهداية الأُمّة .
يالها من مسؤوليات عصيبة!
وهذا الذي قد رأيتَ هو علامة على قرب رحيل النبيّ إلى ربّه ، ووداعه لهذه الدنيا الفانية .
ولا شيء أشدّ إيلاماً ومشقّة على قلب مولاك عليّ مثل فراقه للنبيّ .
كان ملاصقاً به منذ أن أبصرت عيناه النور .
واليوم كيف سيتحمّل فراق البعد عنه ؟
يكبّ عليّ بوجهه على وجه النبيّ ويقول له ودموعه تنساب على خدّيه : بأبي أنت وأُمّي، سيضيق صدري لفراقك ، وسيطول غمّي لِبُعدك يا أخي
[90] ينظر إليه النبيّ ويقول : يا عليّ ، لقد قدّمتُ إليهم بالوعيد بعد أن أخبرتُهم رجلاً رجلاً ما افترض اللهُ عليهم من حقّك، وألزمهم من طاعتك ، وكلٌّ أجاب وسلّم إليك الأمر ، وإنّي لاَعلمُ خلاف قولهم ، فإنّي أوصيك بالصبر على ما ينزل بك
[91] وتسوء حال النبيّ ، فيُغمى عليه .