اليوم هو يوم السبت ، ستّة وعشرون مضت من صفر ، يلازم النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)فراشه .
يجيء بنو هاشم لعيادة النبيّ ، وكان(صلى الله عليه وآله وسلم) يُغمى عليه تارة ويفيق أُخرى
[70] أخذ العبّاس عمّ النبيّ رأسه في حضنه ، يفيق النبيّ .
يفتح عينيه فيبصر عمّه عند رأسه ، يقدم عليه بوجهه قائلاً :
ـ ياعمّ ، هل تقبل وصيتي وتؤدّي عنّي ديني ؟
ينظر العبّاس نحو النبيّ ويقول : يا رسول الله ، أنت في الجود غير مُجارى ، وعندك عِداة كثيرة وأنا غير ذي مال ، فكيف يمكنني أداء كلّ ما عليك ؟ فلو صرفت ذلك عنّي إلى مَن هو أطوق له منّي .
ويعيد النبيّ كلامه ، ويجيبه العبّاس بمثل ما أجاب
[71] يلتفت النبيّ نحو عليّ(عليه السلام) ويقول : يا عليّ ، هل تقبل وصيّتي وتؤدّي عنّي ديني ؟
يا إلهي ! لماذا لا يجيب عليّ .
انظر ، يمنع البكاءُ عليّاً عن الإجابة ، كان يختنق بعبراته
[72] نعم ، تفوح من كلمات النبيّ رائحة الرحيل ، وعليّ هو نفس النبيّ، كيف سيتحمّل فراقه ؟
يلتفت النبيّ مرّة أُخرى نحو عليّ ويكرّر عليه : يا عليّ ، هل تعمل بوصيّتي ؟
[73] فيجيبه عليّ حينئذ بصوت متقطّع : نعم بأبي أنت وأُمّي ، ذلك علَيَّ .
انظر ، ترتسم ابتسامة جميلة على مُحيّا النبيّ ، حقّاً لا غمّ على النبيّ مع حضور عليّ .
فيرفع النبيّ صوته فرحاً : يا عليّ، أنت أخي في الدنيا والآخرة ، وإنّك خليفتي ووصيّي .
ينادي النبيّ : يا بلال ، علَيَّ بالمِغْفَر والدرع والراية وسيفي ذي الفَقار وعَمامتي السَّحاب
[74] يخرج بلال من الغرفة مسرعاً ، وبعد لحظات ... .
انظر ، يعود بلال محمَّلاً ، يلتفت النبيّ نحو عليّ ويقول : يا عليّ اقبضها لا ينازعك فيها أحد .
يريد النبيّ أن يشهد الجميع أنّ هذه الوسائل من الآن فصاعداً متعلّقةٌ بشخص عليّ ، ولا يحقّ لأحد منازعته عليها
[75] يأخذ عليّ مواريث النبيّ، ثمّ يتوجّه إلى بيته .