الليلة هي ليلة الأربعاء ، الثالث والعشرون من صفر ، يرتفع صوت المؤذّن ، فيجتمع الناس في المسجد انتظاراً لقدوم النبيّ ليصلّي بهم الجماعة كالعادة .
يطول الانتظار ولا خبر عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، يبدو أنّ حال النبي غير سارّة .
يدخل عليّ(عليه السلام) المسجد، ويقف في المحراب مصلّياً بالناس
[31] نعم ، عليّ قائم مقام النبيّ ، وهم قد بايعوه على ذلك يوم غدير خمّ .
ليس من شكّ أنّك تعرف عائشة ؟
إحدى نساء النبيّ وابنة أبي بكر .
أبو بكر الآن في معسكر أُسامة خارج المدينة ، وكان قبل أن يخرج قد توجّه إلى ابنته عائشة قائلاً لها : إنّي خارج بأمر من النبيّ إلى الجهاد ، إذا رأيتي النبيّ قد ثقل فأعلميني ; كي أقدْم وأراه مجدّداً !
فترسل عائشة ساعياً إلى معسكر أُسامة ليخبر أباها بالقدوم إلى المدينة مسرعاً ; فالنبيّ حالته وخيمة .
ينطلق ساعي عائشة وسط الظلام نحو معسكر أُسامة .
يسأل عن خيمة أبي بكر .
يدخل الخيمة فيجد أبا بكر وشخصاً آخر ، يهمس بإذن أبي بكر : لك عندي سرّ .
ـ قلْ، ما وراءك ؟
ـ هل لي أن أختلي بك وحدك ؟
ـ قل ما عندك ، فليس هنا غير عمر بن الخطّاب ، وهو أخي ومقرّب عندي ؟ فإنّا قد تآخينا .
ـ قَدِمتُ من المدينة ، أرسلتني عائشة لأُخبرك أنّ النبيّ في حال لا يُرجى ، لم يستطع حضور صلاة المغرب في المسجد ، فأسرِعْ بالقدوم إلى المدينة .
وما أن يسمع عمر هذا الكلام حتّى يقفز من مكانه، ويخاطب أبا بكر قائلاً : انهض ، ولنسرع بالذهاب إلى المدينة .
فيتحرّك عمر وأبو بكر من ليلتهما إلى المدينة .
يَجدّان السير وسط الصحراء; كي يصلوا قبل صلاة الصبح إلى هناك
[32] عزيزي القارئ .
هل عرفت لماذا أسرع هذان الاثنان إلى المدينة ؟
يا تُرى ما هو هذا العمل المهمّ لهما في المدينة حتّى جعلهما يحثّان السير نحو المدينة ؟!