بالأثناء يقع ناظري على بشير ، لا أدري إن كنتَ تعرفه أم لا ؟
من أهل المدينة ، ولكنّ قلبه يتّقد حسداً لسعد .
صحيح أنّ سعداً رئيس قبيلته ، ولكنّه لا يتحمّل أن يرى سعداً خليفةً للمسلمين .
أشعل الحسد ناراً تتأجّج في داخله ، ينهض من مكانه ويبدأ بمخاطبة قومه :
أيّها الأنصار ، إنّا وإن كنّا ذوي سابقة ، فإنّا لم نُرد بجهادنا وإسلامنا إلاّ رضى ربّنا وطاعة نبيّنا ، وقومُ النبيّ أحقّ بميراثه ، فاتّقوا الله ولا تنازعوهم ولا تخالفوهم !
[24] بقيَ الأنصار يتفكّرون في كلامه .
نعم ، أهل بيت النبيّ أحقّ من غيرهم بخلافته .
ها قد حان الوقت لتسليم الخلافة لأهل بيت النبيّ .
فمَن أقرب من عليّ إلى النبيّ ؟
ألم يخاطبه النبيّ بـ "أخي" ؟ ألم ينصّبه يوم الغدير وصيّاً خليفةً له ؟
ليت أحدهم كان حاضراً ليذكّرهم بخطاب النبيّ ذاك !
يقوم شخص من الأنصار فيقول : إنّ رسول الله كان من المهاجرين ، وكنّا أنصار رسول الله ، فنحن أنصار من يقوم مقامه
[25] أمعن القوم في كلامه ، يبقى الأنصار أنصارَ النبيِّ وأنصارَ أصحابهِ وخليفِته ، ولا تكون الخلافة فيهم !
ينهض أبو بكر ويدعو لهذا القائل ويقول : جزاك الله خيراً ، ما أحسن ما قلت
[26] ويقوم عمر من مكانه ، كأنّه يريد أن يخاطب الناس .
يسكت الناس فيما ينطق عمر ببضع كلمات : أيّها الأنصار ، تعالوا وبايعوا أكبرنا سنّاً !
[27] مَن عنى عمر بكلامه هذا ؟
و هل كثرة السنّ أضحت ملاكاً لانتخاب الخليفة ؟
لماذا نُدعى لأن نتّبع سنن الجاهلية الخاطئة ؟
هل من الصحيح ما أن يرحل النبيّ من بيننا حتّى نعود إلى سنن الأيّام الغابرة ؟