يأمر الخليفة الناسَ بالاجتماع في المسجد .
ياتُرى مالخبر ؟
يصعد الخليفة المنبر ويقول : أيّها الناس ، إنّي عزمت على إنفاق أموال فدك لإعزاز جند الإسلام ، إلاّ أنّ عليّاً خالفني في ذلك وهدّدني !
ولكأنّه يعارض خلافتي .
ولقد كنت أتحاشاه احترازاً من كراهيته ، وهرباً من نزاعه
[178] لقد أوضح الخليفة بخطابه هذه عن شدّة خوفه وهلعه من علي ، ماذا يضير لو اعتزل الخلافة ؟
ستبوء عندها جميع المؤامرات بالفشل .
لابدّ من رفع معنوياته ، وإرشاده .
يجب أن أتحرّك بسرعة .
لو غفلتُ عنه ساعة لأفشل كلّ شيء .
كان هذا عمر الذي يتكلّم مع نفسه . وإذا به ينهض قائلاً :
يا خليفة رسول الله ! ما أهلع فؤادك وأصغر نفسك ! كم سَهّلُت لك أمر الخلافة وأنخت لك رقاب العرب وثبّت لك إمارة أهل الإشارة والتدبير ، ولولا ذلك لكان ابن أبي طالب قد صيّر عظامك رميماً ، فاحمد الله على ما قد وهب لك منّي واشكُرْه على ذلك ، فإنّه من رقى منبر رسول الله كان حقيقاً أن يُحدِث لله شكراً ، وهذا علي بن أبي طالب الصخرة الصماء التي لا ينفجر ماؤها إلاّ بعد كسرها، والحية الرقشاء التي لا تجيب إلاّ بالرقي ، نعم ، قتل سادات قريش فأبادهم، وألزم آخرهم العار ففضحهم ، فطِبْ عن نفسك نفساً، ولا تغرّنّك صواعقه ، ولا يهولنّك رواعده وبوارقه ، فإنّي أسدّ بابه قبل أن يسدّ بابك .
يهدأ أبو بكر وتطيب نفسه لهذا الكلام، وترتسم ابتسامة الارتياح على وجهه.
يوعده أن يهدّئ عليّاً بأيّ وسيلة . كيف سيفعل ذلك ياترى ؟