هنا بيت الخليفة ، وكان يقلّب الفكر في كلام عمر الذي وعده بتهدئة علي ، كيف يا تُرى ؟
أبإرجاع فدك لفاطمة ؟
فهذا معناه إنهاء خلافته وإلى الأبد .
لم يُطقْ صبراً، فيرسل في طلب عمر .
انظر ، يسرع عمر الخُطى نحو بيت الخليفة .
ما أن يقع نظر الخليفة على عمر حتّى يبتدره قائلاً :
ـ برأيك ما العمل ؟
ـ أرى أن نقتل عليّاً وننهي كلّ شيء !
ـ نقتل عليّاً ! كيف ؟ إنّ قتل علي ليس بالأمر السهل .
ـ أعرف شخصاً يمكنه فعل ذلك .
ـ ومن هذا الذي لم تلده أُمّه بعد! ؟
ـ خالد بن الوليد .
يطرق الخليفة مليّاً ، هل هناك من حلّ آخر ، لابدّ من اغتيال علي !
يرسلان في طلب خالد .
يَقْدم خالد مسرعاً .
انظر ، مَن هذه المرأه الواقفة خلف الباب ؟
يبدو أنّها أيضاً سمعت كلام هؤلاء الثلاثة واطّلعَت على نواياهم .
هل تعرفها ؟
إنّها أسماء زوجة أبي بكر ، هذه المرأة تختلف عن زوجها ما بين الأرض والسماء ، هذه المرأة كانت من محبّي علي وآل النبيّ
[179] ـ يا أسماء ! ما لي أرى لونك قد خطف؟
ـ ألا تسمع ما يقول هؤلاء الثلاثة ؟
فأحِدَّ السمع لمعرفة ما كانوا يقولون .
ـ يا خالد ، نريد أن نحملك على أمر عظيم .
ـ وما هذا الأمر ؟!
ـ قتلُ علي !
ـ وكيف أقتله ؟!
ـ غداً أثناء إقامة صلاة الجماعة .
ـ في صلاة الجماعة ؟!
ـ نعم ، تقف بقرب علي ، وحينما تسمعني أسلّم تَشهر سيفك من فورك فتضرب به عليّاً وتنهي الأمر .
ياإلهي ساعِدْها ، يجب عليها إخبار علي .
تنتفض أسماء كأنّما قد لدغتها عقرب، وتأخذ تذرع الغرفة جيئتاً وذهاباً، ماذا بوسعها أن تفعل؟ وفجأة.
تنادي على خادمتها وتقول لها : تذهبين من فورك إلى بيت علي وفاطمة وبعد أن تقرئين عليهما السلام ، اقرأي هذه الآية ، ثمّ عودي إليَّ مسرعة .
ـ أيّة آية ؟
ـ (إِنَّ الْمَلاََ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّى لَكَ مِنَ النَّـصِحِينَ )
[180] تسرع الخادمة الخطى نحو بيت علي .
قارئي العزيز ، مضمون هذه الآية في حقّ موسى حينما عزم فرعون على قتله ، رآه أحدهم فأخبره بما عزم عليه فرعون من قَتلِه، فطلب الرجل من موسى الخروج .
تصل الخادمة بيت فاطمة ، تطرق الباب فيفتح لها علي ، فتقرأ عليه تلك الآية .
فيقول لها علي : قولي لمولاتك رحمها الله: إنّ الله يحول بينهم وما يريدون
[181]