يخيّم الظلام على المدينة ، ويغطّ أهلها في نوم عميق .
ولكنّ الجميع الليلة في بيت علي مُسهّر مُسَهَّد .
علي وسلمى وفضّة ويتامى فاطمة الأربعة .
يغسل علي جسد فاطمة ، يساعده آخرون .
أوصت فاطمة أن يغسلها علي بقميصها لا يكشفه عنها
[243] ثمّ يقوم بتكفينها بقماش الجنّة الذي أعطاه إيّاه رسول الله .
فيما يهمّ بعقد الرداء، تحين منه التفاتة إلى أولاده .
كانوا يريدون توديع أُمّهم ورؤيتها للمرّة الأخيرة .
فيناديهم قائلاً : يا أُمّ كلثوم، يا زينب، يا سكينة، يا فضّة، يا حسن يا حسين، هلمّوا تزوّدوا من أُمّكم، فهذا الفراق واللقاء في الجنّة
[244] يتقدّم يتامى فاطمة نحو أُمّهم يودّعونها قائلين : السلام عليكِ يا أُمَّنا ، بلّغي سلامنا إلى جَدّنا محمّد .
مزقت أصواتُ بكائهم صمت تلك الليلة .
ياإلهي! ماذا أسمع ؟
إنّها أنّة فاطمة تلك التي تناهت إلى سمعي.
وإذا برداء الكفن يُفتح .
تفتح فاطمة يديها فتحضن أولادها .
ويختلط صوت بكاء فاطمة بأصوات بكاء أبنائها .
وتضجّ، السماء لذلك . وتضطرب الملائكة في السماء .
وإذا بهاتف من السماء : يا عليُّ ارفعْ يتامى فاطمة عن جسدها ; فلقد أبكَوا واللهِ ملائكة السماوات
[245] فيرفع علي يتامى فاطمة مِن على جسدها .