لازالت فاطمة جالسة في المسجد، لابدّ من فعل شيء ، أقلُّه الردّ عليها والتقليل من تأثير خطبتها على الناس .
فيقوم لها أبو بكر قائلاً :
يا بنت رسول الله ، يا خيرة النساء وابنة خير الأنبياء ، أنتِ صادقة في قولك ، سابقة في وفور عقلك ، غير مردودة عن حقّك ، واللهِ ما عدوت رأي رسول الله ولا عملت إلاّ بإذنه ، واِني أُشهد الله وكفى به شهيداً ، أنّي سمعت رسول الله يقول : نحن معاشرَ الأنبياء لا نُورّث ذهباً ولا فضّة ولا داراً ولا عقاراً ، وإنّما نورث الكتب والحكمة . وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح يقاتل به المسلمون ويجاهدون الكفّار ، وذلك بإجماع المسلمين ، لم أنفرد به وحدي ، يا فاطمة، وهذه حالي ومالي هي لك وبين يديك لا نزوي عنك ولا ندّخر دونك ، فهل ترين أن أخالف في ذلك أباك ؟ !
[188] سُرّ مؤيّدو الخليفة لهذا الخطاب ، وأخذوا يحدّثون أنفسهم قائلين : ما أحسن وأبرّ خليفتنا ، إنّه يريد إعطاء أمواله وثروته لفاطمة !
نعم ، يظنّ الناس أنّ الخليفة إنّما صادر فدكاً لتقوية جند الإسلام ، وحفظ حدود الدولة الإسلامية .
صحيح أنّ فاطمة بنت النبيّ ، ولكن على الخليفة أيضاً إطاعة حديث النبيّ ، وهذا هو الحديث المجعول الموضوع صريح بأنّ جميع ما ترك من الأموال هي مِلك للمسلمين وتعود إلى بيت المال .