وتسوء حال فاطمة لحظة بعد لحظة ، فتارةً يُغمى عليها وتارةً تُفيق .
إنّها مستعدّة الآن للتحليق نحو السماء ، تريد الذهاب لرؤية أبيها العطوف .
الليلة هي ليلة الثالث عشر من شهر جمادى الأُولى .
خلال هذه المدّة عانت ما عانت فاطمة من الألم والحزن والبلاء .
هل ترافقني الليلة لزيارة فاطمة ؟
يا إلهي !
يبدو أنّ شيئاً سيحصل الليلة في هذا البيت .
فاطمة طريحة المرض ، انظر! علي يحدّق في وجه زوجته .
تفتح فاطمة عينَيها ، فترى عليّاً واقفاً بقربها ، تلتفت نحوه وتقول له :
ـ عزيزي علي ، رأيت حُلماً .
ـ ماذا رأيتِ ؟
ـ رقدتُ الساعة، فرأيت حبيبي رسول الله في قصر من الدرّ الأبيض، فلمّا رآني قال: هَلُمّي إليَّ يا بُنيّة ، فإنّي إليكِ مشتاق .
ـ ماذا قلتِ له ؟
ـ قلت: والله إنّي لأشدُّ شوقاً منك إلى لقائك.
ـ وماذا قال لك نبيُّ الله ؟
ـ قال: أنتِ الليلةَ عندي
[222] تترقرق الدموع في مقلتَي عليّ ، لا يصدق أنّ هذه هي آخر ليالي عمر فاطمة .
يقع نظر علي على وجه فاطمة ، وإذا بفاطمة تقول : عليكم السلام .
يحدّث علي نفسه : هل دخل شخص الحجرة ؟
كلّما تنظر لن ترى أحداً .
على مَن سلّمت فاطمة ؟
تلتفت فاطمة نحو علي وتقول له : يابن عمِّ ، انظر ، قد أتاني جبرئيل مسلّماً، وقال لي: السلام يقرأُ عليكِ السلام يا حبيبة حبيب الله وثمرة فؤاده ، اليوم تلحقين بالرفيق الأعلى
[223] نعم ، إنّ سفر فاطمة أمر لابدّ منه ، تَحْدُث في السماء جلبة ، يتهيّأ الجميع لاستقبال فاطمة .